السَّمَاءُ كَالْعَلَقَةِ، وَأَيْقَنَ النَّاسُ بِالْهَلَاكِ أَوِ الْعَذَابِ.
وَبَاتَ النَّاسُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَيْنَ مُصَلٍّ وَتَالٍ لِلْقُرْآنِ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، وَدَاعٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُتَنَصِّلٍ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمُسْتَغْفِرٍ وَتَائِبٍ، وَلَزِمَتِ النَّارُ مَكَانَهَا، وَتَنَاقَصَ تَضَاعُفُهَا ذَلِكَ وَلَهِيبُهَا، وَصَعِدَ الْفَقِيهُ وَالْقَاضِي إِلَى الْأَمِيرِ يَعِظُونَهُ، فَطَرَحَ الْمَكْسَ، وَأَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ كُلَّهُمْ وَعَبِيدَهُ، وَرَدَّ عَلَيْنَا كُلَّ مَا لَنَا تَحْتَ يَدِهِ، وَعَلَى غَيْرِنَا، وَبَقِيَتْ تِلْكَ النَّارُ عَلَى حَالِهَا تَلْتَهِبُ الْتِهَابًا، وَهِيَ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ وَكَالْمَدِينَةِ ارْتِفَاعًا وَعَرْضًا، يَخْرَجُ مِنْهَا حَصًى يَصْعَدُ فِي السَّمَاءِ، وَيَهْوِي فِيهَا وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ نَارٌ تَرْمِي كَالرَّعْدِ، وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ أَيَّامًا ثُمَّ سَالَتْ سَيَلَانًا إِلَى وَادِي أُحَيْلِينَ، تَنْحَدِرُ مَعَ الْوَادِي إِلَى الشَّظَاةِ، حَتَّى لَحِقَ سَيَلَانُهَا بِالْبَحْرَةِ بَحْرَةِ الْحَاجِّ، وَالْحِجَارَةُ مَعَهَا تَتَحَرَّكُ وَتَسِيرُ حَتَّى كَادَتْ تُقَارِبُ حَرَّةَ الْعَرِيضِ، ثُمَّ سَكَنَتْ، وَوَقَفَتْ أَيَّامًا ثُمَّ عَادَتْ تَخْرُجُ وَتَرْمِي بِحِجَارَةٍ خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا، حَتَّى بَنَتْ لَهَا جَبَلَيْنِ وَمَا بَقِيَ يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ بَيْنِ الْجَبَلَيْنِ لِسَانٌ لَهَا أَيَّامًا، ثُمَّ إِنَّهَا عَظُمَتِ الْآنَ، وَسَنَاهَا إِلَى الْآنَ، وَهِيَ تَتَّقِدُ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ، وَلَهَا كُلُّ يَوْمٍ صَوْتٌ عَظِيمٌ آخِرَ اللَّيْلِ إِلَى ضَحْوَةٍ، وَلَهَا عَجَائِبُ مَا أَقْدِرُ أَنْ أَشْرَحَهَا لَكَ عَلَى الْكَمَالِ، وَإِنَّمَا هَذَا طَرَفٌ مِنْهَا كَبِيرٌ يَكْفِي، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَأَنَّهُمَا مُنْكَسِفَانِ إِلَى الْآنَ، وَكَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ، وَلَهَا شَهْرٌ، وَهِيَ فِي مَكَانِهَا مَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ، وَقَدْ قَالَ فِيهَا بَعْضُهُمْ أَبْيَاتًا: