فِيهَا دَخَلَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَاذَرَائِيُّ رَسُولُ الْخَلِيفَةِ بَيْنَ صَاحِبِ مِصْرَ وَصَاحِبِ الشَّامِ، وَأَصْلَحَ بَيْنَ الْجَيْشَيْنِ، وَكَانُوا قَدِ اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ وَنَشِبَتْ، وَقَدْ مَالَأَ الْجَيْشُ الْمِصْرِيُّ الْفِرِنْجَ، وَوَعَدَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ إِنْ نَصَرُوهُمْ عَلَى الشَّامِيِّينَ، وَجَرَتْ خُطُوبٌ كَثِيرَةٌ، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ وَخَلَّصَ جَمَاعَةً مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، مِنْهُمْ أَوْلَادُ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، وَبِنْتُ الْأَشْرَفِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ صَاحِبِ حِمْصَ وَغَيْرِهِمْ، فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا.
وَفِيهَا فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ السَّاعِي كَانَ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ عَلَى رَأْسِهِ زَبَادِيُّ قَاشَانِيُّ، فَزَلَقَ فَتَكَسَّرَتْ، وَوَقَفَ يَبْكِي، فَتَأَلَّمَ النَّاسُ لَهُ لِفَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ غَيْرَهَا، فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ دِينَارًا، فَلَمَّا أَخَذَهُ نَظَرَ فِيهِ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ هَذَا الدِّينَارُ أَعْرِفُهُ، وَقَدْ ذَهَبَ مِنِّي فِي جُمْلَةِ دَنَانِيرَ عَامَ أَوَّلَ، فَشَتَمَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ: فَمَا عَلَامَةُ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: زِنَةُ هَذَا وَكَذَا وَكَذَا. وَكَانَ مَعَهُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا، فَوَزَنُوهُ فَوَجَدُوهُ كَمَا ذَكَرَ، فَأَخْرَجَ لَهُ الرَّجُلُ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا، وَكَانَ قَدْ وَجَدَهَا، كَمَا قَالَ، حِينَ