رَكِبَ الْحَلَبِيُّونَ، مَعَهُمُ ابْنُ أُسْتَاذِهِمْ النَّاصِرُ يُوسُفُ بْنُ الْعَزِيزِ مُحَمَّدِ بْنِ الظَّاهِرِ غَازِي بْنِ النَّاصِرِ يُوسُفَ فَاتِحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ مُلُوكِ بَنِي أَيُّوبَ، مِنْهُمُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَادِلِ، وَكَانَ أَحَقَّ الْمَوْجُودِينَ بِالْمُلْكِ، مِنْ حَيْثُ السِّنِّ وَالْعَقْلِ وَالْحُرْمَةِ وَالرِّيَاسَةِ، وَمِنْهُمُ النَّاصِرُ دَاوُدُ بْنُ الْمُعَظَّمِ بْنِ الْعَادِلِ، وَالْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْمَنْصُورِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوهْ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ حِمْصَ، وَغَيْرُهُمْ، فَجَاءُوا إِلَى دِمَشْقَ، فَحَاصَرُوهَا فَمَلَكُوهَا سَرِيعًا، وَنُهِبَتْ دَارُ ابْنِ يَغْمُورٍ، وَحُبِسَ فِي الْقَلْعَةِ وَتَسَلَّمُوا مَا حَوْلَهَا، كَبَعْلَبَكَّ وَبُصْرَى وَالصَّلْتِ وَعَجْلُونَ وَصَرْخَدَ، وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِمُ الْكَرَكُ وَالشَّوْبَكُ بِالْمَلِكِ الْمُغِيثِ عُمَرَ بْنِ الْعَادِلِ بْنِ الْكَامِلِ كَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ حِينَ قُتِلَ الْمُعَظَّمُ تُورَانْشَاهْ، فَطَلَبَهُ الْمِصْرِيُّونَ لِيُمَلِّكُوهُ عَلَيْهِمْ، فَخَافَ مِمَّا حَلَّ بِابْنِ عَمِّهِ، فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِمْ.
وَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ يَدُ الْحَلَبِيِّينَ عَلَى دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا جَلَسَ النَّاصِرُ فِي الْقَلْعَةِ، وَطَيَّبَ قُلُوبَ النَّاسِ، ثُمَّ رَكِبُوا إِلَى غَزَّةَ لِيَتَسَلَّمُوا الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، فَبَرَزَ إِلَيْهِمُ الْجَيْشُ الْمِصْرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا مَعَهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، فَكُسِرَ الْمِصْرِيُّونَ أَوَّلًا بِحَيْثُ إِنَّهُ خُطِبَ لِلنَّاصِرِ بِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ كَانَتِ الدَّائِرَةُ عَلَى الشَّامِيِّينَ، فَانْهَزَمُوا وَأُسِرَ مِنْ أَعْيَانِهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَعُدِمَ مِنَ الْجَيْشِ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ أَنْشَدَ هُنَا الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْضِهِمْ: