وَذَكَرَ فِي غُبُونِ كَلَامِهِ أَنَّ خَادِمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَذْنَبَ، فَأَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا سَيِّدِي أَمَا لَكَ ذَنْبٌ تَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْهُ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَبِالَّذِي أَمْهَلَكَ لَمَّا أَمْهَلْتَنِي. ثُمَّ أَذْنَبَ الْعَبْدُ ثَانِيًا، فَأَرَادَ عُقُوبَتَهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ الثَّالِثَةَ، فَعَاقَبَهُ وَهُوَ لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: مَا لَكَ لَمْ تَقُلْ مَا قُلْتَ فِي الْأَوَّلَتَيْنِ؟ فَقَالَ: يَا سَيِّدِي، حَيَاءً مِنْ حِلْمِكَ مَعَ تَكْرَارِ جُرْمِي. فَبَكَى ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِالْحَيَاءِ مِنْ رَبِّي، أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَمِنْ شِعْرِهِ يَمْدَحُ الْخَلِيفَةَ:
يَا مَنْ إِذَا ضَنَّ السَّحَابُ بِمَائِهِ ... هَطَلَتْ يَدَاهُ عَلَى الْبَرِيَّةِ عَسْجَدَا
جَوَّرْتَ كِسْرَى يَا مُبَخِّلَ حَاتِمٍ ... فَغَدَتْ بَنُو الْآمَالِ نَحْوَكَ سُجَّدَا
وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي أَشْعَارًا كَثِيرَةً حَسَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ الْمَالِكِيُّ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ يُونُسَ الدَّوِينِيُّ ثُمَّ الْمِصْرِيُّ
الْعَلَّامَةُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ شَيْخُ الْمَالِكِيَّةِ كَانَ أَبُوهُ حَاجِبًا لِلْأَمِيرِ عِزِّ الدِّينِ مُوسَكَ الصَّلَاحِيِّ، وَاشْتَغَلَ هُوَ بِالْعِلْمِ، فَقَرَأَ