النَّاقِدِ الْبَغْدَادِيُّ، وَزِيرُ الْمُسْتَنْصِرِ، ثُمَّ ابْنِهِ الْمُسْتَعْصِمِ، كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التُّجَّارِ، ثُمَّ تَوَصَّلَ إِلَى أَنْ وَزَرَ لِهَذَيْنِ الْخَلِيفَتَيْنِ، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا حَافِظًا لِلْقُرْآنِ، كَثِيرَ التِّلَاوَةِ، نَشَأَ فِي حِشْمَةٍ بَاذِخَةٍ، ثُمَّ كَانَ فِي وَجَاهَةٍ هَائِلَةٍ، وَقَدْ أُقْعِدَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا فِي غَايَةِ الِاحْتِرَامِ وَالْإِكْرَامِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ حَسَنَةٌ، أَوْرَدَ مِنْهَا ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً صَالِحَةً، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ الْخَمْسِينَ.
نَقِيبُ النُّقَبَاءِ وَخَطِيبُ الْخُطَبَاءِ وَكِيلُ الْخُلَفَاءِ، أَبُو طَالِبٍ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْخَلِيفَةِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ الْعَبَّاسِيِّ. كَانَ مِنْ سَادَاتِ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَخُطَبَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، اسْتَمَرَّتْ أَحْوَالُهُ عَلَى السَّدَادِ وَالصَّلَاحِ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ قَطُّ عَنِ الْخَطَابَةِ، وَلَمْ يَمْرَضْ قَطُّ حَتَّى كَانَتْ لَيْلَةُ السَّبْتِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ; قَامَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ لِبَعْضِ حَاجَاتِهِ، فَسَقَطَ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ، فَسَقَطَ مِنْ فَمِهِ دَمٌ كَثِيرٌ، وَسَكَتَ فَلَمْ يَنْطِقْ كَلِمَةً وَاحِدَةً يَوْمَهُ ذَلِكَ إِلَى اللَّيْلِ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ حَافِلَةٌ.