وَذَكَرَ طَعْنَ النَّاسِ فِي ادِّعَائِهِ نَسَبَهُ إِلَى دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَأَنَّهُ انْقَطَعَ نَسْلُهُ مِنْ بَعْدِ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَنْشَدَ لِابْنِ عُنَيْنٍ فِيهِ - قَائِلِ الْبَيْتَيْنِ الشَّهِيرَيْنِ وَهُمَا - قَوْلُهُ:
دِحْيَةُ لَمْ يُعْقِبْ فَكَمْ تَفْتَرِي ... إِلَيْهِ بِالْبُهْتَانِ وَالْإِفْكِ
مَا صَحَّ عِنْدَ النَّاسِ شَيْءٌ سِوَى ... أَنَّكَ مِنْ كَلْبٍ بِلَا شَكِّ
وَإِنَّ مِنْ أَقْبَحِ مَا رَأَيْتُهُ فِي هَذَا الْجُزْءِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ شَيْخِهِ الْحَافِظِ الْمُؤَرِّخِ ابْنِ النَّجَّارِ، عَنِ الْحَافِظِ عَلِيِّ بْنِ الْمُفَضَّلِ أَنَّهُ قَالَ: اجْتَمَعْتُ أَنَا وَابْنُ دِحْيَةَ فِي مَجْلِسِ السُّلْطَانِ، فَسَأَلَنِي السُّلْطَانُ عَنْ حَدِيثٍ فَأَجَبْتُهُ فِيهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ رَوَاهُ؟ فَلَمْ يَحْضُرْنِي إِسْنَادُهُ فَانْفَصَلْنَا، فَاجْتَمَعَ بِي ابْنُ دِحْيَةَ وَقَالَ لِي: يَا فَقِيهُ، لَمَّا سَأَلَكَ السُّلْطَانُ عَنْ إِسْنَادِ ذَاكَ الْحَدِيثِ، لِمَ لَمْ تَذْكُرْ لَهُ أَيَّ إِسْنَادٍ شِئْتَ؟ فَإِنَّهُ وَمَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ لَا يَعْلَمُونَ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا فَعَظُمْتَ فِي أَعْيُنِهِمْ. فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يَتَهَاوَنُ بِأُمُورِ الدِّينِ، جَرِيءٌ عَلَى الْكَذِبِ.
ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْفَقِيهُ تَقِيُّ الدِّينِ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ الْإِسْعِرْدِيُّ، عَنْ شَيْخِنَا الْفَقِيهِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ أَوْحَدِ الْأَنَامِ مُفْتِي الْمُسْلِمِينَ بَهَاءِ الدِّينِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ الْمُسْلِمِ اللَّخْمِيِّ، يَعْنِي ابْنَ الْجُمَّيْزِيِّ; أَنَّهُ قَالَ: كَانَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْكَامِلُ قَدْ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجَ أَبُو الْخَطَّابِ عُمَرُ بْنُ دِحْيَةَ مَعَهُ، وَوَلَدُ الشَّيْخِ مُعِينِ الدِّينِ بْنِ شَيْخِ الشُّيُوخِ، فَحَضَرَتْ صَلَاةُ