فِيهَا بَاشَرَ خَطَابَةَ بَغْدَادَ وَنِقَابَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ الْعَدْلُ مَجْدُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنْصُورِيُّ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ خِلْعَةٌ سَنِيَّةٌ، وَكَانَ فَاضِلًا قَدْ صَحِبَ الْفُقَرَاءَ وَالصُّوفِيَّةَ، وَتَزَهَّدَ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ، فَلَمَّا دُعِيَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ أَجَابَ سَرِيعًا، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا بِزَهْرَتِهَا، وَخَدَمَهُ الْغِلْمَانُ الْأَتْرَاكُ، وَلَبِسَ لِبَاسَ الْمُتْرَفِينَ، وَقَدْ عَاتَبَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ بِقَصِيدَةٍ طَوِيلَةٍ، وَعَنَّفَهُ عَلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ، وَسَرَدَهَا ابْنُ السَّاعِي بِطُولِهَا فِي تَارِيخِهِ.
وَفِيهَا سَارَ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الرَّسْلِيَّةِ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى الْكَامِلِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ مِصْرَ، وَمَعَهُ كِتَابٌ هَائِلٌ فِيهِ تَقْلِيدُهُ الْمُلْكَ، وَفِيهِ أَوَامِرُ كَثِيرَةٌ مَلِيحَةٌ مِنْ إِنْشَاءِ الْوَزِيرِ نَصِيرِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ النَّاقِدِ، سَرَدَهُ ابْنُ السَّاعِي أَيْضًا بِكَمَالِهِ، وَقَدْ كَانَ الْكَامِلُ مُخِيِّمًا بِظَاهِرِ آمِدَ مِنْ أَعْمَالِ الْجَزِيرَةِ، قَدِ افْتَتَحَهَا بَعْدَ حِصَارٍ طَوِيلٍ، وَهُوَ مَسْرُورٌ بِمَا نَالَ مِنْ مُلْكِهَا.