الْخَاتُونُ رَبِيعَةُ بِنْتُ أَيُّوبَ أُخْتُ سِتِّ الشَّامِ.
وَفِيهَا حَبَسَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ الشَّيْخَ عَلِيًّا الْحَرِيرِيَّ بِقَلْعَةِ عَزَّتَا.
وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِدِيَارِ مِصْرَ وَبِلَادِ الشَّامِ وَحَلَبَ وَالْجَزِيرَةِ بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمِيَاهِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَرْضِيَّةِ، فَكَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 155]
[الْبَقَرَةِ: 155، 156] .
وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ كَلَامًا طَوِيلًا مَضْمُونُهُ خُرُوجُ طَائِفَةٍ مِنَ التَّتَارِ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَ سَبَبُ قُدُومِهِمْ هَذِهِ السَّنَةَ أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ كَتَبُوا إِلَيْهِمْ يُخْبِرُونَهُمْ بِضَعْفِ أَمْرِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمِ شَاهْ، وَأَنَّهُ قَدْ عَادَى جَمِيعَ الْمُلُوكِ حَوْلَهُ حَتَّى الْخَلِيفَةَ، وَأَنَّهُ قَدْ كَسَرَهُ الْأَشْرَفُ بْنُ الْعَادِلِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ جَلَالُ الدِّينِ قَدْ ظَهَرَتْ مِنْهُ أَفْعَالٌ نَاقِصَةٌ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَهُ غُلَامٌ خَصِيٌّ يُقَالُ لَهُ: قِلْجٌ. وَكَانَ يُحِبُّهُ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ وَجَدًّا عَظِيمًا بِحَيْثُ إِنَّهُ أَمَرَ الْأُمَرَاءَ أَنْ يَمْشُوا فِي جَنَازَتِهِ، فَمَشَوْا فَرَاسِخَ إِلَى تُرْبَتِهِ، وَأَمَرَ أَهْلَ الْبَلَدِ أَنْ يَخْرُجُوا بِحُزْنٍ وَتَعْدَادٍ عَلَيْهِ، فَتَوَانَى بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَهَمَّ بِقَتْلِهِمْ حَتَّى تَشَفَّعَ فِيهِمْ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ، ثُمَّ لَمْ يَسْمَحْ بِدَفْنِ قِلْجٍ، فَكَانَ يُحْمَلُ مَعَهُ فِي مِحَفَّةٍ، وَكُلَّمَا أُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ يَقُولُ: احْمِلُوا هَذَا إِلَى قِلْجٍ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَدْ مَاتَ قِلْجٌ. فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَقُتِلَ، فَكَانُوا بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُونَ: قَبِلَهُ وَهُوَ يُقَبِّلُ