قَالَ: وَاشْتُهِرَ عَنْ رَجُلٍ فِي بِلَادِهِ أَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا أَعْرِفُ مَوْضِعَ كَنْزٍ، وَلَا أَقُولُهُ إِلَّا لِلْقَانِ. وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلْقَانِ، فَأَحْضَرَهُ عَلَى خَيْلِ الْأَوْلَاقِ - يَعْنِي الْبَرِيدَ - سَرِيعًا، فَلَمَّا حَضَرَ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ سَأَلَهُ عَنِ الْكَنْزِ، فَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أَقُولُ ذَلِكَ حِيلَةً لِأَرَى وَجْهَكَ. فَلَمَّا رَأَى تَغَيُّرَ كَلَامِهِ غَضِبَ، وَقَالَ لَهُ: قَدْ حَصَلَ لَكَ مَا طَلَبْتَ فَارْجِعْ إِلَى مَوْضِعِكَ، وَأَمَرَ بِرَدِّهِ سَالِمًا، وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَهَذَا غَرِيبٌ.
قَالَ: وَأَهْدَى لَهُ إِنْسَانٌ رُمَّانَةً، فَكَسَرَهَا وَفَرَّقَ حَبَّهَا عَلَى الْحَاضِرِينَ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا بِوَالِسَ، ثُمَّ أَنْشَدَ عِنْدَ ذَلِكَ:
فَلِذَاكَ تَزْدَحِمُ الْوُفُودُ بِبَابِهِ ... مِثْلَ ازْدِحَامِ الْحَبِّ فِي الرُّمَّانِ
قَالَ: وَقَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ كَافِرٌ يَقُولُ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ جِنْكِزْخَانَ يَقُولُ: قُلْ لِأَبِي يَقْتُلُ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ لَهُ: هَذَا كَذِبٌ. وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ.
قَالَ: وَأَمَرَ بِقَتْلِ ثَلَاثَةٍ قَدْ قَضَتِ الْيَاسَقُ بِقَتْلِهِمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَبْكِي وَتَلْطِمُ. فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ أَحْضِرُوهَا. فَقَالَتْ: هَذَا ابْنِي، وَهَذَا أَخِي، وَهَذَا زَوْجِي. فَقَالَ: اخْتَارِي وَاحِدًا مِنْهُمْ حَتَّى أُطْلِقَهُ لَكِ. فَقَالَتِ: الزَّوْجُ يَجِيءُ مِثْلُهُ، وَالِابْنُ كَذَلِكَ، وَالْأَخُ لَا عِوَضَ لَهُ. فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ لَهَا.
قَالَ: وَكَانَ يُحِبُّ الْمُصَارِعِينَ وَأَهْلَ الشَّطَارَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، فَذُكِرَ لَهُ إِنْسَانٌ بِخُرَاسَانَ، فَأَحْضَرَهُ، فَصَرَعَ جَمِيعَ مَنْ عِنْدَهُ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ، وَأَطْلَقَ لَهُ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ الْمَغُولِ حَسْنَاءَ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً لَا يَتَعَرَّضُ