وَفِيهَا قَدِمَ رَسُولُ الْأَنْبِرُورِ مَلِكِ الْفِرِنْجِ فِي الْبَحْرِ إِلَى الْمُعَظَّمِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا كَانَ فَتَحَهُ عَمُّهُ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ مِنْ بِلَادِ السَّوَاحِلِ، فَأَغْلَظَ لَهُمُ الْمُعَظَّمُ فِي الْجَوَابِ، وَقَالَ لَهُ: قُلْ لِصَاحِبِكَ مَا عِنْدِي إِلَّا السَّيْفُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَفِيهَا جَهَّزَ الْأَشْرَفُ أَخَاهُ شِهَابَ الدِّينِ غَازِيًّا إِلَى الْحَجِّ فِي مَحْمَلٍ عَظِيمٍ يَحْمِلُ ثِقَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَمَلٍ، وَمَعَهُ خَمْسُونَ هَجِينًا، عَلَى كُلِّ هَجِينٍ مَمْلُوكٌ، فَسَارَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ، وَجَاءَتْهُ هَدَايَا الْخَلِيفَةِ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، وَعَادَ عَلَى طَرِيقِهِ الَّتِي حَجَّ مِنْهَا.
وَفِيهَا وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ نَجْمُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقْبِلٍ الْوَاسِطِيُّ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْحُكَّامِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِبِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَقَلَّ اللَّحْمُ، حَتَّى حَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ لَمْ يُذْبَحْ بِمَدِينَةِ الْمَوْصِلِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ سِوَى خَرُوفٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ.
قَالَ: وَسَقَطَ فِيهَا عَاشِرَ آذَارَ ثَلْجٌ كَثِيرٌ بِالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ مَرَّتَيْنِ، فَأَهْلَكَ الْأَزْهَارَ وَغَيْرَهَا. قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنَ الْعِرَاقِ مَعَ كَثْرَةِ حَرِّهِ كَيْفَ وَقَعَ فِيهِ مِثْلُ هَذَا؟!
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
جِنْكِزْخَانُ
السُّلْطَانُ الْأَعْظَمُ عِنْدَ التَّتَارِ، وَالِدُ مُلُوكِهِمُ الْيَوْمَ، الَّذِي