عَلَى أَخِيهِ الْأَشْرَفِ، فَوَعَدَهُ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ.
وَفِيهَا قَدِمَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ أَقْسِيسُ مَلِكُ الْيَمَنِ عَلَى أَبِيهِ الْكَامِلِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَمَعَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، مِنْ ذَلِكَ مِائَتَا خَادِمٍ وَثَلَاثَةُ أَفْيِلَةٍ هَائِلَةٍ، وَأَحْمَالُ عُودٍ وَنَدٍّ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ، وَخَرَجَ أَبُوهُ الْكَامِلُ لِتَلَقِّيهِ، وَمِنْ نِيَّةِ أَقْسِيسَ أَنْ يَنْزِعَ الشَّامَ مِنْ يَدِ عَمِّهِ الْمُعَظَّمِ.
وَفِيهَا كَمَلَ عِمَارَةُ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ بِمِصْرَ، وَوَلِيَ مَشْيَخَتَهَا الْحَافِظُ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيُّ، وَكَانَ مِكْثَارًا، كَثِيرَ الْفُنُونِ، وَعِنْدَهُ فَوَائِدُ وَعَجَائِبُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْقَادِسِيُّ الضَّرِيرُ الْحَنْبَلِيُّ
وَالِدُ صَاحِبِ " الذَّيْلِ عَلَى تَارِيخِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ "، الْقَادِسِيُّ هَذَا يُلَازِمُ حُضُورَ مَجْلِسِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ وَيُزْهِرُهُ; لِمَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْغَرَائِبِ، وَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ، فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ الشَّيْخُ مَرَّةً عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَلَمْ يُعْطِهِ، وَصَارَ يَحْضُرُ وَلَا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ الشَّيْخُ مَرَّةً: هَذَا الْقَادِسِيُّ لَا يُقْرِضُنَا شَيْئًا، وَلَا يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا مَلِيحٌ. رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ طُلِبَ الْقَادِسِيُّ مَرَّةً إِلَى دَارِ الْمُسْتَضِيءِ لِيُصَلِّيَ بِالْخَلِيفَةِ التَّرَاوِيحَ، فَقِيلَ لَهُ وَالْخَلِيفَةُ يَسْمَعُ: مَا مَذْهَبُكَ؟ فَقَالَ: حَنْبَلِيٌّ. فَقِيلَ لَهُ: لَا تُصَلِّ بِدَارِ الْخِلَافَةِ وَأَنْتِ حَنْبَلِيٌّ. فَقَالَ: أَنَا حَنْبَلِيٌّ، وَلَا أُصَلِّي