تُرْكَانْشَاهْ أَبُو مَنْصُورٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْأُمَرَاءِ، وَوَلِيَ حَاجِبَ الْحُجَّابِ بِالدِّيوَانِ الْعَزِيزِ الْخَلِيفَتِيِّ، وَكَانَ يَكْتُبُ جَيِّدًا جِدًّا، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ; مِنْهَا الْأَدَبُ وَعُلُومُ الرِّيَاضَةِ، وَعُمِّرَ دَهْرًا، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
سَئِمْتُ تَكَالِيفَ هَذِي الْحَيَاةِ ... وَكَرَّ الصَّبَاحِ بِهَا وَالْمَسَاءْ
وَقَدْ كُنْتُ كَالطِّفْلِ فِي عَقْلِهِ ... قَلِيلَ الصَّوَابِ كَثِيرَ الْهُرَاءْ
أَنَامُ إِذَا كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ ... وَأَسْهَرُ عِنْدَ دُخُولِ الْغِنَاءْ
وَقَصَّرَ خَطْوِيَ قَيْدُ الْمَشِيبِ ... وَطَالَ عَلَى مَا عَنَانِي عَنَاءْ
وَغُودِرْتُ كَالْفَرْخِ فِي عُشِّهِ ... وَخَلَّفْتُ حُلْمِي وَرَاءَ وَرَاءَ
وَمَا جَرَّ ذَلِكَ غَيْرُ الْبَقَاءِ ... فَكَيْفَ تَرَى فِعْلَ سُوءِ الْبَقَاءْ
وَلَهُ أَيْضًا:
إِلَهِي يَا كَثِيرَ الْعَفْوِ غَفْرًا ... لِمَا أَسْلَفْتُ فِي زَمَنِ الشَّبَابِ
فَقَدْ سَوَّدْتُ فِي الْآثَامِ وَجْهًا ... ذَلِيلًا خَاضِعًا لَكَ فِي التُّرَابِ
فَبَيِّضْهُ بِحُسْنِ الْعَفْوِ عَنِّي ... وَسَامِحْنِي وَخَفِّفْ مِنْ عَذَابِي