فِيهَا اسْتَوْلَتِ التَّتَارُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ كَمَرَاغَةَ وَهَمَذَانَ وَأَرْدَبِيلَ وَتِبْرِيزَ وَكَنْجَةَ، وَقَتَلُوا أَهَالِيَهَا، وَنَهَبُوا مَا فِيهَا، وَاسْتَأْسَرُوا ذَرَارِيَّهَا، وَاقْتَرَبُوا مِنْ بَغْدَادَ، فَانْزَعَجَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَحَصَّنَ بَغْدَادَ، وَاسْتَخْدَمَ الْأَجْنَادَ، وَقَنَتَ النَّاسُ فِي الصَّلَوَاتِ وَالْأَوْرَادِ.
وَفِيهَا قَهَرُوا الْكُرْجَ وَاللَّانَ، ثُمَّ قَاتَلُوا الْقَفْجَاقَ، فَكَسَرُوهُمْ، وَكَذَلِكَ الرُّوسَ، وَيَنْهَبُونَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ هَؤُلَاءِ، وَيَسْبُونَ ذَرَارِيَّهُمْ وَنِسَاءَهُمْ.
وَفِيهَا سَارَ الْمُعَظَّمُ إِلَى أَخِيهِ الْأَشْرَفِ، فَاسْتَعْطَفَهُ عَلَى أَخِيهِ الْكَامِلِ، وَكَانَ فِي نَفْسِهِ مَوجِدَةٌ عَلَيْهِ، فَأَزَالَهَا وَسَارَا جَمِيعًا نَحْوَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِمُعَاوَنَةِ الْكَامِلِ عَلَى الْفِرِنْجِ الَّذِينَ قَدْ أَخَذُوا ثَغْرَ دِمْيَاطَ، وَاسْتَحْكَمَ أَمْرُهُمْ هُنَالِكَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَجَمِيعَ مَا كَانَ صَلَاحُ الدِّينِ فَتَحَهُ مِنْ بِلَادِ السَّاحِلِ، وَيَتْرُكُوا دِمْيَاطَ، فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ،