بِشُهُودٍ مَعَهُ، فَكَتَبَ الْوَصِيَّةَ كَمَا قَالَتْ، فَقَالَ الْمُعَظَّمُ: يَذْهَبُ إِلَى عَمَّتِي بِغَيْرِ إِذْنِي، وَيَسْمَعُ هُوَ وَالشُّهُودُ كَلَامَهَا! وَاتَّفَقَ أَنَّ الْقَاضِيَ طَلَبَ مِنْ جَابِي الْعَزِيزِيَّةِ حِسَابَهَا، وَضَرَبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْمَقَارِعِ، وَكَانَ الْمُعَظَّمُ يُبْغِضُ هَذَا الْقَاضِيَ مِنْ أَيَّامِ أَبِيهِ الْعَادِلِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَ الْمُعَظَّمُ إِلَى الْقَاضِي بِبُقْجَةٍ فِيهَا قَبَاءٌ وَكَلُّوتَةٌ; الْقَبَاءُ أَبْيَضُ وَالْكَلُّوتَةُ صَفْرَاءُ. وَقِيلَ: بَلْ كَانَا حَمْرَاوَيْنِ مُدَرَّنَيْنِ، وَحَلَفَ الرَّسُولُ عَنِ السُّلْطَانِ لَيَلْبَسَنَّهُمَا وَيَحْكُمُ بَيْنَ الْخُصُومِ فِيهِمَا، وَكَانَ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ أَنْ جَاءَتْهُ الرِّسَالَةُ بِهَذَا، وَهُوَ فِي دِهْلِيزِ دَارِهِ الَّتِي بِبَابِ الْبَرِيدِ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ لِلْحُكْمِ، فَلَمْ يَقْدِرْ إِلَّا أَنْ لَبِسَهُمَا، وَحَكَمَ فِيهِمَا، ثُمَّ دَخَلَ دَارَهُ، وَاسْتَقْبَلَ مَرَضَ مَوْتِهِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا، وَكَانَ الشَّرَفُ بْنُ عُنَيْنٍ الزُّرَعِيُّ الشَّاعِرُ قَدْ أَظْهَرَ النُّسُكَ وَالتَّعَبُّدَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ اعْتَكَفَ بِالْجَامِعِ أَيْضًا. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعَظَّمُ بِخَمْرٍ وَنَرْدٍ لِيَشْتَغِلَ بِهِمَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُنَيْنٍ:
يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ
سُنَّةً
أَحْدَثْتَهَا تَبْقَى عَلَى الْآبَادِ ... تَجْرِي الْمُلُوكُ عَلَى طَرِيقِكَ بَعْدَهَا
خَلْعُ الْقُضَاةِ وَتُحْفَةُ الزُّهَّادِ
وَقَدْ كَانَ نُوَّابُ ابْنِ الزَّكِيِّ أَرْبَعَةً; شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ إِمَامُ مَشْهَدِ عَلَيٍّ، كَانَ يَحْكُمُ بِهِ فِي الشُّبَّاكِ، وَرُبَّمَا بَرَزَ إِلَى طَرَفِ الرِّوَاقِ تُجَاهَ الْبَلَاطَةِ السَّوْدَاءِ، وَشَمْسُ الدِّينِ بْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، كَانَ يَحْكُمُ فِي الشُّبَّاكِ الَّذِي فِي