يَدْخُلُ الْبَلَدَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَتُوُفِّيَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
وَكَانَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ جَمَاعَةٌ; مُحَمَّدٌ الْكَامِلُ صَاحِبُ مِصْرَ، وَعِيسَى الْمُعَظَّمُ صَاحِبُ دِمَشْقَ، وَمُوسَى الْأَشْرَفُ صَاحِبُ الْجَزِيرَةِ وَخِلَاطَ وَحَرَّانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْأَوْحَدُ أَيُّوبُ وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَالْفَائِزُ إِبْرَاهِيمُ، وَالْمُظَفَّرُ غَازِيٌّ صَاحِبُ الرَّهَا، وَالْعَزِيزُ عُثْمَانُ، وَالْأَمْجَدُ حَسَنٌ، وَهُمَا شَقِيقَا الْمُعَظَّمِ، وَالْمُغِيثُ مَحْمُودٌ، وَالْحَافِظُ أَرْسَلَانُ صَاحِبُ جَعْبَرٍ، وَالصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، وَالْقَاهِرُ إِسْحَاقُ، وَمُجِيرُ الدِّينِ يَعْقُوبُ، وَقُطْبُ الدِّينِ أَحْمَدُ، وَخَلِيلٌ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَتَقِيُّ الدِّينِ عَبَّاسٌ، وَكَانَ آخِرَهُمْ وَفَاةً، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ لَهُ بَنَاتٌ أَشْهَرُهُنَّ السِّتُّ صَفِيَّةُ خَاتُونَ زَوْجَةُ الظَّاهِرِ غَازِيٍّ صَاحِبِ حَلَبَ، وَأُمُّ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ وَالِدِ النَّاصِرِ يُوسُفَ الَّذِي مَلَكَ دِمَشْقَ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ النَّاصِرِيَّتَانِ بِدِمَشْقَ وَالْجَبَلِ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُ هُولَاوُو كَمَا سَيَأْتِي.
لَمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ بِمَوْتِ الْعَادِلِ إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْكَامِلِ، وَهُوَ بِثَغْرِ دِمْيَاطَ مُرَابِطٌ الْفِرِنْجَ، أَضْعَفَ ذَلِكَ أَعْضَادَ الْمُسْلِمِينَ وَفَشِلُوا، ثُمَّ بَلَغَ الْكَامِلَ خَبَرٌ آخَرُ أَنَّ الْأَمِيرَ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْمَشْطُوبِ، وَكَانَ أَكْبَرَ أَمِيرٍ بِمِصْرَ، قَدْ أَرَادَ أَنْ يُبَايِعَ لِلْفَائِزِ عِوَضًا عَنِ الْكَامِلِ، فَسَاقَ وَحْدَهُ جَرِيدَةً مِنْ دِمْيَاطَ قَاصِدًا إِلَى مِصْرَ لِاسْتِدْرَاكِ هَذَا الْخَطْبِ الْجَسِيمِ، فَلَمَّا فَقَدَهُ الْجَيْشُ مِنْ بَيْنِهِمُ انْحَلَّ نِظَامُهُمْ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَكْبَرُ مِمَّا بَلَغَهُمْ، فَرَكِبُوا وَرَاءَهُ، فَدَخَلَتِ الْفِرِنْجُ بِأَمَانٍ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَاسْتَحْوَذُوا عَلَى مُعَسْكَرِ الْكَامِلِ وَأَثْقَالِهِ وَحَوَاصِلِ الْجَيْشِ، فَوَقَعَ أَمْرٌ عَظِيمٌ جِدًّا، وَذَلِكَ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَدَخَلَ