وَرَتَّبَهُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ كِتَابًا إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُشْتَهَرْ، وَجَمَعَ سِيرَةَ ابْنِ هُبَيْرَةَ وَقَدْ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ الصِّدِّيقِ، فَتَكَلَّمُوا فِيهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَأَنْشْدَ بَعْضُهُمْ:
دَعِ الْأَنْسَابَ لَا تَعْرِضْ لِتَيْمٍ ... فَإِنَّ الْهُجْنَ مِنْ وَلَدِ الصَّمِيمِ
لَقَدْ أَصْبَحْتَ مِنْ تَيْمٍ دَعِيًّا ... كَدَعْوَى حَيْصَ بَيْصَ إِلَى تَمِيمِ
ابْنُ النَّجَا الْوَاعِظُ
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَجَا، زَيْنُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ، الْوَاعِظُ الْحَنْبَلِيُّ، وَسِبْطُ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ الشِّيرَازِيِّ الْحَنْبَلِيِّ. قَدِمَ بَغْدَادَ فَتَفَقَّهَ بِهَا، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا رَسُولًا مِنْ جِهَةِ نُورِ الدِّينِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَحَدَّثَ بِهَا، ثُمَّ كَانَتْ لَهُ حُظْوَةٌ عِنْدَ الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَهُوَ الَّذِي نَمَّ عَلَى عُمَارَةَ الْيَمَنِيِّ وَذَوِيهِ فَصُلِبُوا، وَكَانَتْ لَهُ مَكَانَةٌ بِمِصْرَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الَّتِي خَطَبَ فِيهَا بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَكَانَ وَقْتًا مَشْهُودًا، وَكَانَ يَعِيشُ عَيْشًا أَطْيَبَ مِنْ عَيْشِ الْمُلُوكِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْمَلَابِسِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ سُرِّيَّةً، كُلُّ وَاحِدَةٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ مَاتَ فَقِيرًا لَمْ يَخْلُفْ كَفَنًا، وَقَدْ أَنْشَدَ وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِهِ لِلْوَزِيرِ طَلَائِعَ بْنِ رُزِّيكَ شِعْرًا فَقَالَ:
مَشِيبُكَ قَدْ قَضَى صَبْغَ الشَّبَابِ ... وَحَلَّ الْبَازُ فِي وَكْرِ الْغُرَابِ