وَفَوَاضِلُهَا، وَنَزَلْنَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ عَلَى الْعَرَّادَةِ جَرَى الْمُتَلَقُّونَ بِالطُّرَفِ وَالتُّحَفِ عَلَى الْعَادَةِ، وَأَصْبَحْنَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ - يَعْنِي سَادِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ بُكْرَةً - إِلَى جَنَّةِ دِمَشْقَ دَاخِلِينَ بِسَلَامٍ آمِنِينَ لَوْلَا أَنَّنَا غَيْرُ خَالِدِينَ، وَكَانَتْ غَيْبَةُ السُّلْطَانِ عَنْهَا طَالَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ فَأَخْرَجَتْ دِمَشْقُ أَثْقَالَهَا، وَأَبْرَزَتْ نِسَاءَهَا وَرِجَالَهَا، وَكَانَ يَوْمَ الزِّينَةِ وَخَرَجَ كُلٌّ مَنْ فِي الْمَدِينَةِ، وَحُشِرَ النَّاسُ ضُحًى وَأَشَاعُوا اسْتِبْشَارًا وَفَرَحًا، وَاجْتَمَعَ بِأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وِقَدِمَ عَلَيْهِ رُسُلُ الْمُلُوكِ مِنْ سَائِرِ الْأَمْصَارِ، وَأَقَامَ بَقِيَّةَ عَامِهِ فِي اقْتِنَاصِ الصَّيْدِ وَحُضُورِ دَارِ الْعَدْلِ لِلْفَصْلِ، وَالْعَمَلِ بِالْإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ.
وَلَمَّا كَانَ عِيدُ الْأَضْحَى امْتَدَحَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ بِقَصِيدَةٍ يَقُولُ فِيهَا:
وَأَبِيهَا لَوْلَا تَغَزُّلُ عَيْنَيْهَا ... لَمَا قُلْتُ فِي التِّغَزُّلِ شِعْرًا
وَلَكَانَتْ مَدَائِحُ الْمَلِكِ النِّاصِرِ ... أَوْلَى مَا فِيهِ أُعْمِلُ فِكْرَا
مَلِكٌ طَبَّقَ الْمَمَالِكَ عَدْلًا ... مِثْلَمَا أَوْسَعَ الْبَرِيَّةَ بِرَّا
فَتَحَلَّ الْأَعْيَادَ صَوْمًا وَفِطْرًا ... وَتَلَقَّ الْهَنَاءَ بَرًّا وَبَحْرَا
يَا مُسِرَّ الطَّاعَاتِ لِلَّهِ إِنْ ... أَضْحَى مَلِيكٌ عَلَى الْهَنَاتِ مُصِرَّا
نِلْتَ مَا تَبْتَغِي مِنَ الدِّينِ وَالدُّنْ ... يَا فَتِيهًا عَلَى الْمُلُوكِ وَفَخْرَا
قَدْ جَمَعْتَ الْمَجْدَيْنِ أَصْلًا وَفَرْعًا ... وَمَلَكْتَ الدَّارَيْنِ دُنْيَا وَأُخْرَى
وَمِمَّا وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْحَوَادِثِ غَزْوَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ صَاحِبِ غَزْنَةَ شِهَابِ الدِّينِ السُّبُكْتِكِينِيِّ، وَبَيْنُ مَلِكِ الْهِنْدِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ كَسَرُوهُ فِي سَنَةِ