اسْتُهِلَّتْ وَالسُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ مُخَيِّمٌ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَقَدْ قَسَّمَ السُّورَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَأُمَرَائِهِ وَهُوَ يَعْمَلُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَيَحْمِلُ الْحَجَرَ بَيْنَ الْقَرَبُوسِ وَبَيْنَهُ، وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِهِ وَبِالْعُلَمَاءِ، وَالْفُقَرَاءُ يَعْمَلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَالْفِرِنْجُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - حَوْلَ الْبَلَدِ مِنْ نَاحِيَةِ عَسْقَلَانَ وَمَا وَالَاهَا لَا يَتَجَاسَرُونَ أَنْ يَتَقَرَّبُوا مِنَ الْحَرَسِ وَالْيَزَكِ الَّذِينَ حَوْلَ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ إِلَّا أَنَّهُمْ عَلَى نِيَّةِ مُحَاصَرَةِ الْقُدْسِ مُصَمِّمُونَ وَلِكَيْدِ الْإِسْلَامِ مُجْمِعُونَ وَهُمْ وَالْحَرَسُ تَارَةً يَغْلِبُونَ وَتَارَةً يُغْلَبُونَ وَتَارَةً يَنْهَبُونَ وَتَارَةً يُنْهَبُونَ.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ وَصَلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ الْمَشْطُوبُ إِلَى السُّلْطَانِ وَهُوَ بِالْقُدْسِ مِنَ الْأَسْرِ وَكَانَ نَائِبًا عَلَى عَكَّا حِينَ أُخِذَتْ فَافْتَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَعْطَاهُ السُّلْطَانُ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْهَا وَاسْتَنَابَهُ عَلَى مَدِينَةِ نَابُلُسَ فَتُوُفِّيَ بِهَا فِي شَوَّالٍ مِنْهَا.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ قُتِلَ الْمَرْكِيسُ صَاحِبُ صُورَ لَعَنَهُ اللَّهُ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلِكُ الْإِنْكِلْتِيرِ اثْنَيْنِ مِنَ الْفِدَاوِيَّةِ فَقَتَلُوهُ فَأَظْهَرَا التَّنَصُّرَ وَلَزِمَا الْكَنِيسَةَ حَتَّى ظَفِرَا بِالْمَرْكِيسِ فَقَتَلَاهُ وَقُتِلَا، فَاسْتَنَابَ مَلِكُ الْإِنْكِلْتِيرِ عَلَيْهَا ابْنَ أُخْتِهِ لِأُمِّهِ الْكُنْدَهِرِيَّ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ مَلِكِ إِفْرَنْسِيسَ لِأَبِيهِ فَهُمَا خَالَاهُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - وَلَمَّا صَارَ إِلَى صُورَ