وَفِيهَا عَدَا أَمِيرُ مَكَّةَ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى بْنِ فُلَيْتَةَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ الْحَسَنِيُّ فَأَخَذَ أَمْوَالَ الْكَعْبَةِ حَتَّى انْتَزَعَ طَوْقًا مِنْ فِضَّةٍ كَانَ عَلَى دَائِرَةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، كَانَ قَدْ لُمَّ شَعَثُهُ حِينَ ضَرَبَهُ ذَلِكَ الْقِرْمِطِيُّ بِالدَّبُّوسِ فَلَمَّا بَلَغَ السُّلْطَانَ خَبَرُهُ مِنَ الْحَجِيجِ حِينَ رَجَعُوا عَزَلَهُ، وَوَلَّى أَخَاهُ مُكْثِرًا وَنَقَضَ الْقَلْعَةَ الَّتِي كَانَ بَنَاهَا أَخُوهُ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَأَقَامَ دَاوُدُ بِنَخْلَةَ حَتَّى تُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ وَكَانَ عَزِيزًا عَلَى عَمِّهِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ اسْتَنَابَهُ بِمِصْرَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ ثُمَّ أَقْطَعَهُ حَمَاةَ وَمُدُنًا كَثِيرَةً مَعَهَا حَوْلَهَا وَمِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَكَانَ مَعَ عَمِّهِ السُّلْطَانِ عَلَى عَكَّا ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْإِشْرَافِ عَلَى بِلَادِهِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْفُرَاتِ فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهَا اشْتَغَلَ بِهَا، وَامْتَدَّتْ عَيْنُهُ إِلَى أَخْذِ غَيْرِهَا مِنْ أَيْدِي الْمُلُوكِ الْمُجَاوِرِينَ لَهَا فَقَاتَلَهُمْ فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ وَالسُّلْطَانُ النَّاصِرُ صَلَاحُ مُتَغَضِّبٌ عَلَيْهِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِذَلِكَ عَنْهُ وَحُمِلَتْ جِنَازَتُهُ حَتَّى دُفِنَتْ بِحَمَاةَ وَلَهُ مَدْرَسَةٌ هُنَاكَ هَائِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَهُ بِدِمَشْقَ مَدْرَسَةٌ مَشْهُورَةٌ وَعَلَيْهَا أَوْقَافٌ كَثِيرَةٌ مَبْرُورَةٌ وَقَامَ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ