حَمِدْتُ عَلَى طُولِ عُمْرِي الْمَشِيبَا ... وَإِنْ كُنْتُ أَكْثَرْتُ فِيهِ الذُّنُوبَا
لِأَنِّي حَيِيتُ إِلَى أَنْ لَقِي ... تُ بَعْدَ الْعَدُوِّ صَدِيقًا حَبِيبَا
وَلَهُ فِي سِنٍّ قَلَعَهَا فَفَقَدَ نَفْعَهَا:
وَصَاحِبٍ لَا أَمَلُّ الدُّهْرَ صُحْبَتَهُ ... يَشْقَى لِنَفْعِي وَيَسْعَى سَعْيَ مُجْتَهِدِ
لَمْ أَلْقَهُ مُذْ تَصَاحَبْنَا فَحِينَ بَدَا ... لِنَاظِرَيَّ افْتَرَقْنَا فُرْقَةَ الْأَبَدِ
وَلَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ كَبِيرٌ، وَكَانَ صَلَاحُ الدِّينِ يُفَضِّلُهُ عَلَى سَائِرِ الدَّوَاوِينِ.
وَقَدْ كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَكَانَ فِي شَبِيبَتِهِ شَهْمًا شُجَاعًا فَاتِكًا، قَتَلَ الْأَسَدَ مُوَاجَهَةً وَحْدَهُ، ثُمَّ عُمِّرَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَدُفِنَ شَرْقِيَّ جَبَلِ قَاسْيُونَ. قَالَ: وَزَرْتُ قَبْرَهُ وَقَرَأْتُ عِنْدَهُ وَأَهْدَيْتُ لَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمِمَّا أَنْشَدَهُ لَهُ قَوْلُهُ:
لَا تَسْتَعِرْ جَلَدًا عَلَى هُجْرَانِهِمْ ... فَقُوَاكَ تَضْعُفُ عَنْ صُدُودٍ دَائِمِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ إِنْ رَجَعْتَ إِلَيْهِمُ ... طَوْعًا وَإِلَّا عُدْتَ عَوْدَةَ رَاغِمِ
وَقَوْلُهُ فِي قَتْلِ الْأَسَدِ وَكِبَرِهِ:
فَاعْجَبْ لِضَعْفِ يَدِي عَنْ حَمْلِهَا قَلَمًا ... مِنْ بَعْدِ حَطْمِ الْقَنَا فِي لَبَّةِ الْأَسَدِ