اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَبَرَزَ لَهُمُ السُّلْطَانُ إِلَى سَطْحِ الْجَبَلِ الْغَرْبِيِّ مِنْ طَبَرِيَّةَ عِنْدَ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: حِطِّينُ. الَّتِي يُقَالُ: إِنَّ فِيهَا قَبْرَ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَتَوَاجَهَ هُنَالِكَ الْجَيْشَانِ وَتَقَابَلَ الْفَرِيقَانِ، وَأَسْفَرَ وَجْهُ الْإِيمَانِ، وَاغْبَرَّ وَأَقْتَمَ وَجْهُ الْكُفْرَانِ وَالْخُسْرَانِ وَذَلِكَ عَشِيَّةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَبَاتَ النَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ وَأَسْفَرَ الصَّبَاحُ عَنْ يَوْمِ السَّبْتِ الَّذِي كَانَ يَوْمًا عَسِيرًا عَلَى أَهْلِ يَوْمِ الْأَحَدِ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَى وُجُوهِ النَّصَارَى وَهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَكَانَ تَحْتَ أَقَدْامِ خُيُولِهِمْ هَشِيمُ حَشِيشٍ، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ النَّفَّاطَةَ، فَرَمَوْهُ فَتَأَجَّجَ تَحْتَ سَنَابِكِ خُيُولِهِمْ نَارًا، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ حَرُّ الشَّمْسِ وَحَرُّ الْعَطَشِ، وَحَرُّ النَّارِ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، وَحَرُّ رَشْقِ السِّهَامِ عَنِ الْقِسِيِّ الْقَاسِيَةِ، فَتَبَارَزَ الشُّجْعَانُ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى، ثُمَّ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِالتَّكْبِيرِ وَالْحَمْلَةِ الصَّادِقَةِ، فَكَانَ النَّصْرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَنَحَهُمُ اللَّهُ أَكْتَافَ الْكَفَرَةِ الْفَجَرَةِ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأُسِرَ ثَلَاثُونَ أَلْفًا مِنْ شُجْعَانِهِمْ وَفُرْسَانِهِمْ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْأُسَارَى جَمِيعُ مُلُوكِهِمْ سِوَى قُومَصَ طَرَابُلُسَ فَإِنَّهُ انْهَزَمَ فِي أَوَّلِ الْمَعْرَكَةِ، وَأَخَذَ صَلِيبَهُمُ الْأَعْظَمَ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الَّذِي صُلِبَ عَلَيْهِ الْمَصْلُوبُ، وَقَدْ غَلَّفُوهُ بِالذَّهَبِ وَاللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ النَّفْسِيَّةِ، وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا، وَلَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ فِي عِزِّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَدَمْغِ الْبَاطِلِ وَذُلِّهِ، حَتَّى إِنَّهُ ذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْفَلَّاحِينَ رَآهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ يَقُودُ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ أَسِيرًا مِنَ الْفِرِنْجِ، قَدْ رَبَطَهُمْ بِطُنُبِ خَيْمَةٍ، وَبَاعَ بَعْضَهُمْ أَسِيرًا بِنَعْلٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015