نَائِبِ مِصْرَ لِعَمِّهِ النَّاصِرِ ; أَنَّ الْعَافِيَةَ النَّاصِرِيَّةَ قَدِ اسْتَفَاضَتْ أَخْبَارُهَا، وَأَنْوَارُهَا وَآثَارُهَا، وَوَلَّتِ الْعِلَّةُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأُطْفِئَتْ نَارُهَا، وَانْجَلَى غُبَارُهَا، وَخَمَدَ شَرَارُهَا، وَمَا كَانَتْ إِلَّا فَلْتَةً وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا، وَعَظِيمَةً كَفَى اللَّهُ الْإِسْلَامَ أَمْرَهَا، وَنَوْبَةً امْتَحَنَ اللَّهُ بِهَا نُفُوسَنَا، فَرَأَى أَقَلَّ مَا عِنْدَهَا صَبْرَهَا، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ الدُّعَاءَ وَقَدْ أَخْلَصَتْهُ الْقُلُوبُ، وَلَا لِيُوقِفَ الْإِجَابَةَ وَإِنْ سَدَّتْ طَرِيقَهَا الذُّنُوبُ، وَلَا لِيُخْلِفَ وَعْدَ فَرَجٍ وَقَدْ أَيِسَ الصَّاحِبُ وَالْمَصْحُوبُ.
نَعِيٌّ زَادَ فِيهِ الدَّهْرُ مِيمَا ... فَأَصْبَحَ بَعْدَ بُؤْسَاهُ نَعِيمَا
وَمَا صَدَقَ النَّذِيرُ بِهِ لِأَنِّي ... رَأَيْتُ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَالنُّجُومَا
وَقَدِ اسْتَقْبَلَ مَوْلَانَا السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ الْعَافِيَةَ غَضَّةً جَدِيدَةً، وَالْعُزْمَةَ مَاضِيَةً حَدِيدَةً، وَالنَّشَاطَ إِلَى الْجِهَادِ، وَالْجَنَّةَ مَبْسُوطَةَ الْبِسَاطِ، وَقَدِ انْقَضَى الْحِسَابُ وَجُزْنَا الصِّرَاطَ، وَعُرِضْنَا نَحْنُ عَلَى الْأَهْوَالِ الَّتِي مِنْ خَوْفِهَا كَادَ الْجَمَلُ يَلِجُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.
ثُمَّ رَكِبَ السُّلْطَانُ مِنْ حَرَّانَ بَعْدَ الْعَافِيَةِ فَدَخَلَ حَلَبَ ثُمَّ اجْتَازَ بِحَمَاةَ وَحِمْصَ، وَدَخَلَ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ تَكَامَلَتْ عَافِيَتُهُ، وَقَدْ كَانَ يَوْمُ دَخْلِهِ إِلَيْهَا يَوْمًا مَشْهُودًا وَصَبَاحًا مَحْمُودًا، وَلِلَّهِ الْمِنَّةُ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْعَدَ الْمَوْصِلِيُّ
الْفَقِيهُ مُهَذِّبُ الدِّينِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْعَدَ الْمَوْصِلِيُّ مُدَرِّسُ حِمْصَ وَكَانَ