وَمِنْ شِعْرِ الْحَيْصَ بَيْصَ الْجَيِّدِ:
سَلَامَةُ الْمَرْءِ سَاعَةً عَجَبُ ... وَكُلُّ شَيْءٍ لِحَتْفِهِ سَبَبُ
يَفِرُّ وَالْحَادِثَاتُ تَطْلُبُهُ ... يَفِرُّ مِنْهَا وَنَحْوَهَا الْهَرَبُ
فَكَيْفَ يَبْقَى عَلَى تَقَلُّبِهِ ... مُسَلَّمًا مَنْ حَيَاتُهُ الْعَطَبُ
وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا:
لَا تَلْبَسِ الدَّهْرَ عَلَى غِرَّةٍ ... فَمَا لِمَوْتِ الْحَيِّ مِنْ بُدِّ
وَلَا يُخَادِعْكَ طَوِيلُ الْبَقَا ... فَتَحْسَبَ الطُّولَ مِنَ الْخُلْدِ
يَقْرُبُ مَا كَانَ لَهُ آخِرٌ ... مَا أَقْرَبَ الْمَهْدَ مِنَ اللَّحْدِ
وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ " الْعِقْدِ "، وَهُوَ أَبُو عُمَرَ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي " عِقْدِهِ ":
أَلَا إِنَّمَا الدُّنْيَا غُضَارَةُ أَيْكَةٍ ... إِذَا اخْضَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ جَفَّ جَانِبُ
وَمَا الدَّهْرُ وَالْآمَالُ إِلَّا فَجَائِعٌ ... عَلَيْهَا وَمَا اللَّذَّاتُ إِلَّا مَصَائِبُ
فَلَا تَكْتَحِلْ عَيْنَاكَ مِنْهَا بِعَبْرَةٍ ... عَلَى ذَاهِبٍ مِنْهَا فَإِنَّكَ ذَاهِبُ
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ حَيْصَ بَيْصَ هَذَا فِي " ذَيْلِهِ "، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَسَمَّعَ عَلَيْهِ دِيوَانَهُ وَرَسَائِلَهُ، وَأَثْنَى عَلَى رَسَائِلِهِ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ، وَقَالَ: كَانَ فِيهِ تِيهٌ وَتَعَاظُمٌ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا مُعْرِبًا، وَكَانَ فَقِيهًا شَافِعِيَّ