الَّذِي كَانَ نَائِبَ دِمَشْقَ - جَمَاعَةً مِنْ أُسَارَى الْفِرِنْجِ الَّذِينَ عَاثُوا بِالْبِقَاعِ فِي غَيْبَةِ السُّلْطَانِ وَاشْتِغَالِهِ بِحِصَارِ مِصْيَابَ، فَجَدَّدَ لَهُ الْعَزْمَ عَلَى غَزْوِ الْفِرِنْجِ وَالِانْبِعَاثِ فَصَالَحَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ أَصْحَابَ سِنَانٍ، ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا إِلَى دِمَشْقَ فِي حِرَاسَةِ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ تَلَقَّاهُ أَخُوهُ شَمْسُ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهْ فَتَسَالَمَا وَتَعَانَقَا وَتَنَاشَدَا الْأَشْعَارَ، وَلَمَّا دَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ فِي سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ فَوَّضَهَا إِلَى أَخِيهِ شَمْسِ الدَّوْلَةِ تُوارَنْشَاهْ وَلَقَّبَهُ الْمَلِكَ الْمُعَظَّمَ، وَعَزَمَ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ الْقَاضِي كَمَالُ الدَّيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّهْرُزُورِيُّ قَدْ تُوُفِّيَ فِي سَادِسِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ خِيَارِ الْقُضَاةِ، وَأَخَصِّ النَّاسِ بِنُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ، فَوَّضَ إِلَيْهِ نَظَرَ الْجَامِعِ وَدَارَ الضَّرْبِ وَعِمَارَةَ الْأَسْوَارِ وَالنَّظَرَ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.
وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى بِالْقَضَاءِ لِابْنِ أَخِيهِ ضِيَاءِ الدِّينِ بْنِ تَاجِ الدِّينِ الشَّهْرُزُورِيِّ، فَأَمْضَى ذَلِكَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ ; رِعَايَةً لِحَقِّ الْكَمَالِ الشَّهْرُزُورِيِّ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَجِدُ عَلَيْهِ ; بِسَبَبِ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِينَ كَانَ صَلَاحُ الدِّينِ شِحْنَةً بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُعَاكِسُهُ وَيُخَالِفُهُ، وَمَعَ هَذَا أَمْضَى وَصِيَّتَهُ لِابْنِ أَخِيهِ، فَجَلَسَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَلَى عَادَةِ عَمِّهِ وَقَاعِدَتِهِ وَرَسْمِهِ، وَبَقِيَ فِي نَفْسِ السُّلْطَانِ مِنْ تَوْلِيَةِ شَرَفِ الدِّينِ أَبَى سَعْدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَصْرُونَ الْحَلَبِيِّ، وَكَانَ قَدْ هَاجَرَ إِلَى السُّلْطَانِ إِلَى دِمَشْقَ فَوَعْدَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ قَضَاءَهَا، فَأَسَرَّ بِذَلِكَ إِلَى الْقَاضِي الْفَاضِلِ، فَأَشَارَ الْقَاضِي الْفَاضِلُ عَلَى الضِّيَاءِ أَنْ يَسْتَعْفِيَ مِنْ