إِلَى أَنْ قَالَ
وَيَسْتَكْثِرُونَ الْوَصْلَ لِي مِنْكَ لَيْلَةً ... وَقَدْ مَرَّ عَامٌ بِالصُّدُودِ وَعَامُ
فَطَرِبَ الْخَلِيفَةُ عِنْدَ ذَلِكَ. وَخَلَعَ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ وَأَطْلَقَ لَهُ خَمْسِينَ دِينَارًا، وَحَجَّ بِالنَّاسِ قَايْمَازُ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو الْحَسَنِ الْغَزْنَوِيُّ
الْوَاعِظُ، كَانَ لَهُ قَبُولٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ، وَبَنَتْ لَهُ الْخَاتُونُ زَوْجَةُ الْمُسْتَظْهِرِ رِبَاطًا بِبَابِ الْأَزَجِّ، وَوَقَفَتْ عَلَيْهِ أَوْقَافًا كَثِيرَةً، فَحَصَلَ لَهُ جَاهٌ عَرِيضٌ وَزَارَهُ السُّلْطَانُ. وَكَانَ حَسَنَ الْإِيرَادِ مَلِيحَ الْوَعْظِ، يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَجَمٌّ غَفِيرٌ مِنْ أَصْنَافِ النَّاسِ. وَقَدِ اسْتَمْلَحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَشْيَاءَ مِنْ وَعْظِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَوْمًا يَقُولُ: حُزْمَةُ حُزْنٍ خَيْرٌ مِنْ أَعْدَالِ أَعْمَالِ. ثُمَّ أَنْشَدَ
كَمْ حَسْرَةٍ لِي فِي الْحَشَا ... مِنْ وَلَدٍ إِذَا نَشَا
أَمَّلْتُ فِيهِ رُشْدَهُ ... فَمَا نَشَا كَمَا أَشَا
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَوْمًا يُنْشِدُ
يَحْسُدُنِي قَوْمِي عَلَى صَنْعَتِي ... لِأَنَّنِي فِي صَنْعَتِي فَارِسُ
سَهِرْتُ فِي لَيْلِي وَاسْتَنْعَسُوا ... وَهَلْ يَسْتَوِي السَّاهِرُ وَالنَّاعِسُ