إِلَى الْكِبْرِ وَالتِّيهِ الزَّائِدِ ; حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَدْعُو فِي صِلَاتِهِ اللَّهُمَّ مَلِّكْنِي مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَكَتَبَ مَرَّةً إِلَى الْخَلِيفَةِ: الْخَادِمُ الْمُعَاوِيُّ، فَكَشَطَ الْخَلِيفَةُ الْمِيمَ فَبَقِيَتِ الْعَاوِيَّ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
تَنَكَّرَ لِي دَهْرِي وَلَمْ يَدْرِ أَنَّنِي ... أَعِزُّ وَأَحْدَاثُ الزَّمَانِ تَهُونُ
وَظَلَّ يُرِينِي الْخَطْبَ كَيْفَ اعْتِدَاؤُهُ ... وَبِتُّ أُرِيهِ الصَّبْرَ كَيْفَ يَكُونُ
مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ
أَبُو الْفَضْلِ الْمَقْدِسِيُّ الْحَافِظُ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ سَنَةَ سِتِّينَ، وَسَافَرَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إِلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ، وَسَمِعَ كَثِيرًا، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ، وَصَنَّفَ كُتُبًا مُفِيدَةً ; غَيْرَ أَنَّهُ صَنَّفَ كِتَابًا فِي إِبَاحَةِ السَّمَاعِ وَفِي التَّصَوُّفِ، وَاسْتَعْمَلَ فِيهِ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً جِدًّا، وَأَوْرَدَ أَحَادِيثَ صَحِيحَةً فِي غَيْرِ كُنْهِهَا، وَقَدْ أَثْنَى عَلَى حِفْظِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ هَذَا الَّذِي سَمَّاهُ " صِفَةَ التَّصَوُّفِ " وَقَالَ عَنْهُ: يَضْحَكُ مِنْهُ مَنْ رَآهُ، قَالَ: وَكَانَ دَاوُدِيَّ الْمَذْهَبِ، فَمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَثْنَى لِأَجْلِ حِفْظِهِ لِلْحَدِيثِ، وَإِلَّا فَمَا يُجَرَّحُ بِهِ أَوْلَى، قَالَ: وَذَكَرَهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَانْتَصَرَ لَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، بَعْدَ أَنْ قَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ شَيْخَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَحْمَدَ الطَّلْحِيَّ فَأَسَاءَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَكَانَ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِيهِ. قَالَ وَسَمِعْنَا