الْخَوَاتِمِ الْمَقْلُوبَةِ الصَّعْبَةِ، وَعَنْ أَنْوَاعِ الْفُصُوصِ وَصِفَاتِ الْأَشْخَاصِ، وَمَا فِي دَاخِلِ الْبَنَادِقِ مِنَ الشَّمْعِ وَالطِّينِ وَالْحَبِّ الْمُخْتَلِفِ وَالْخَرَزِ، وَبَالَغَ أَحَدُهُمْ حَتَّى تَرَكَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِهِ فَقِيلَ لَهَا: مَا الَّذِي فِي يَدِهِ فَقَالَتْ: يَحْمِلُهُ إِلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ.
وَفِيهَا قَدِمَ الْقَاضِي فَخْرُ الْمُلْكِ أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ عَمَّارٍ صَاحِبُ طَرَابُلُسَ إِلَى بَغْدَادَ يَسْتَنْفِرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْفِرِنْجِ، فَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ غِيَاثُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ إِكْرَامًا زَائِدًا، وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَبَعَثَ مَعَهُ الْجُيُوشَ الْكَثِيرَةَ لِقِتَالِ الْفِرِنْجِ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
تَمِيمُ بْنُ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَةَ كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ خُلَقًا وَكَرَمًا وَإِحْسَانًا، مَلَكَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَعُمِّرَ تِسْعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَتَرَكَ مِنَ الْبَنِينَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، وَمِنَ الْبَنَاتِ سِتِّينَ بِنْتًا، وَمَلَكَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ يَحْيَى، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا مُدِحَ بِهِ الْأَمِيرُ تَمِيمٌ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَصَحُّ وَأَعْلَى مَا سَمِعْنَاهُ فِي النَّدَى ... مِنَ الْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ مُنْذُ قَدِيمِ
أَحَادِيثُ تَرْوِيهَا السُّيُولُ عَنِ الْحَيَا ... عَنِ الْبَحْرِ عَنِ كَفِّ الْأَمِيرِ تَمِيمِ
صَدَقَةُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ دُبَيْسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ
الْأَمِيرُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ، صَاحِبُ الْحِلَّةِ وَتَكْرِيتَ وَوَاسِطٍ وَغَيْرِهَا كَانَ كَرِيمًا، عَفِيفًا، ذَا ذِمَامٍ، مَلْجَأً لِكُلِّ خَائِفٍ، يَأْمَنُ فِي بِلَادِهِ وَتَحْتَ جَنَابِهِ، وَكَانَ يُحْسِنُ يَقْرَأُ الْكُتُبَ،