قُلْنَا مِثْلَ مَا قَالَ الْمِقْدَادُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَنَا مَالٌ عَظِيمٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ 8: 5 وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: «كَيْفَ تَرَوْنَ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «كَيْفَ تَرَوْنَ؟» فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ «كَيْفَ تَرَوْنَ؟» فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِيَّانَا تريد؟ فو الّذي أَكْرَمَكَ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا سَلَكْتُهَا قَطُّ وَلَا لِي بِهَا عِلْمٌ، وَلَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تأتى برك الغماد من ذي بمن لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ وَلَا نَكُونُ كَالَّذِينِ قَالُوا لِمُوسَى اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ 5: 24 وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ متبعون، ولعل أَنْ تَكُونَ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ غَيْرَهُ فَانْظُرِ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَامْضِ فَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ وَعَادِ مَنْ شِئْتَ وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ. فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى قَوْلِ سَعْدٍ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ 8: 5 الْآيَاتِ. وَذَكَرَهُ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ وَأَعْطِنَا مَا شِئْتَ، وَمَا أَخَذْتَ مِنَّا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَ، وَمَا أَمَرْتَ بِهِ مِنْ أمر فأمرنا تبع لأمرك فو الله لَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غُمْدَانَ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ذَفِرَانَ فَسَلَكَ عَلَى ثَنَايَا يُقَالُ لَهَا الْأَصَافِرُ ثُمَّ انْحَطَّ مِنْهَا إِلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهُ الدية [1] وَتَرَكَ الْحَنَّانَ بِيَمِينٍ وَهُوَ كَثِيبٌ عَظِيمٌ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ فَرَكِبَ هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ هُوَ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ- كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ- حَتَّى وَقَفَ عَلَى شَيْخٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَأَلَهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَا بَلَغَهُ عَنْهُمْ. فَقَالَ الشَّيْخُ: لَا أُخْبِرُكُمَا حَتَّى تُخْبِرَانِي مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أخبرتنا أخبرناك فقال أو ذاك بِذَاكَ؟ قَالَ نَعَمْ! قَالَ الشَّيْخُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ خَرَجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ صَدَقَ الَّذِي أَخْبَرَنِي فَهُمُ الْيَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا لِلْمَكَانِ الَّذِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَلَغَنِي أَنَّ قُرَيْشًا خَرَجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَنِي صَدَقَنِي فَهُمُ الْيَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا. لِلْمَكَانِ الَّذِي بِهِ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خَبَرِهِ قَالَ مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ مِنْ مَاءٍ» ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ. قَالَ يَقُولُ الشَّيْخُ: مَا مِنْ مَاءٍ أَمِنْ مَاءِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُقَالُ لِهَذَا الشَّيْخِ سُفْيَانُ الضمريّ.