وَاللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ لَخَصَمْتُهُ، فَسَلُوا مُحَمَّدًا أَكُلُّ من نَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ مَعَ مَنْ عَبَدَهُ؟ فَنَحْنُ نَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ وَالْيَهُودُ تَعْبُدُ عزيزا وَالنَّصَارَى تَعْبُدُ عِيسَى. فَعَجِبَ الْوَلِيدُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الزِّبَعْرَى وَرَأَوْا أَنَّهُ قَدِ احْتَجَّ وَخَاصَمَ [1] فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: «كُلُّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْبَدَ مِنْ دُونِ الله فهو مع من عبده في النار، إِنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَ الشَّيَاطِينَ وَمَنْ أَمَرَتْهُمْ بِعِبَادَتِهِ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ في مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ 21: 101- 102 أَيْ عِيسَى وَعُزَيْرٌ وَمَنْ عُبِدَ مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ الَّذِينَ مَضَوْا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَنَزَلَ فِيمَا يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَأَنَّهَا بَنَاتُ اللَّهِ وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ 21: 26 وَالْآيَاتُ بَعْدَهَا. وَنَزَلَ فِي إِعْجَابِ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِ بن الزِّبَعْرَى وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ 43: 57- 58 وهذا الجدل الّذي سلكوه باطل وهم يعلمون ذلك لأنهم قوم عرب ومن لغتهم أن ما لما لا يعقل، فقوله: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ 21: 98 إِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ مِنَ الْأَحْجَارِ الَّتِي كَانَتْ صُوَرَ أَصْنَامٍ، وَلَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَهُمْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، وَلَا الْمَسِيحَ، وَلَا عُزَيْرًا، وَلَا أَحَدًا مِنَ الصَّالِحِينَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى. فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ ما ضربوه بعيسى بن مَرْيَمَ مِنَ الْمَثَلِ جَدَلٌ بَاطِلٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ 43: 58 ثُمَّ قَالَ إِنْ هُوَ 43: 59 أَيْ عِيسَى إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ 43: 59 أي بنبوتنا وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ 43: 59 أَيْ دَلِيلًا عَلَى تَمَامِ قُدْرَتِنَا عَلَى مَا نَشَاءُ حَيْثُ خَلَقْنَاهُ مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، وَقَدْ خَلَقْنَا حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، وَخَلَقْنَا آدَمَ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، وَخَلَقْنَا سَائِرَ بَنِي آدَمَ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ 19: 21 أَيْ أَمَارَةً وَدَلِيلًا عَلَى قُدْرَتِنَا الْبَاهِرَةِ وَرَحْمَةً مِنَّا 19: 21 نَرْحَمُ بِهَا مَنْ نَشَاءُ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ: الْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ وَنُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ 68: 10 الْآيَاتِ، وَذَكَرَ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَيْثُ. قَالَ: أَيَنْزِلُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأُتْرَكُ وَأَنَا كَبِيرُ قُرَيْشٍ وسيدها، ويترك أبو مسعود عمرو بن عمرو [2] الثقفي سيد ثقيف فنحن عظيما القريتين. ونزل قوله فِيهِ وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ من الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ 43: 31 وَالَّتِي بَعْدَهَا، وَذَكَرَ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ حِينَ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ: أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ جَالَسْتَ مُحَمَّدًا وَسَمِعْتَ مِنْهُ وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِلَّا أَنْ تَتْفُلَ فِي وَجْهِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ عَدُوُّ اللَّهِ عُقْبَةُ لَعَنَهُ اللَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي 25: 27

طور بواسطة نورين ميديا © 2015