يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حضر موت مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» زَادَ بنان «وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ. وَقَدْ رَوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ خَبَّابٍ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سفيان وَابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عن سعيد ابن وَهْبٍ عَنْ خَبَّابٍ. قَالَ شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِدَّةَ الرَّمْضَاءِ فَمَا أَشْكَانَا- يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ- وَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: فَلَمْ يُشْكِنَا. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ خَبَّابًا يقول: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا، قَالَ شُعْبَةُ يَعْنِي فِي الظهيرة. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ خَبَّابٍ. قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ. - زَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي وُجُوهِنَا وَأَكُفِّنَا- فَلَمْ يُشْكِنَا. وَفِي رِوَايَةٍ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ خَبَّابٍ. قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا. وَالَّذِي يَقَعُ لِي- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُمْ شَكَوْا إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ التَّعْذِيبِ بِحَرِّ الرَّمْضَاءِ، وَأَنَّهُمْ يَسْحَبُونَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَيَتَّقُونَ بِأَكُفِّهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، وَسَأَلُوا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَوْ يَسْتَنْصِرَ عَلَيْهِمْ فَوَعَدَهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْجِزْهُ لَهُمْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَأَخْبَرَهُمْ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْقَوْنَ مِنَ الْعَذَابِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِمَّا أَصَابَهُمْ وَلَا يَصْرِفُهُمْ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِمْ، وَيُبَشِّرُهُمْ أَنَّ اللَّهَ سَيُتِمُّ هَذَا الْأَمْرَ ويظهره ويعلنه وَيَنْشُرُهُ وَيَنْصُرُهُ فِي الْأَقَالِيمِ وَالْآفَاقِ حَتَّى يَسِيرَ الراكب من صنعاء إلى حضر موت لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. وَلِهَذَا قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي وُجُوهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا، أَيْ لَمْ يَدْعُ لَنَا فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ، فمن استدل بهذا الحديث على عدم الإيراد أَوْ عَلَى وُجُوبِ مُبَاشَرَةِ الْمُصَلِّي بِالْكَفِّ كَمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ فَبَلَغَ