وَشَتْمِ آبَائِنَا وَتَسْفِيهِ أَحْلَامِنَا، وَسَبِّ آلِهَتِنَا وَإِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ لَأَجْلِسُ لَهُ غَدًا بِحَجَرٍ فَإِذَا سَجَدَ فِي صَلَاتِهِ فَضَخْتُ بِهِ رَأْسَهُ فَلْيَصْنَعْ بَعْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مَا بَدَا لَهُمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَخَذَ حَجَرًا ثُمَّ جَلَسَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُهُ، وَغَدَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يَغْدُو، وكان قِبْلَتُهُ الشَّامَ.

فَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَّى بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِيِّ، وَجَعَلَ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَقَدْ غَدَتْ قُرَيْشٌ فَجَلَسُوا فِي أَنْدِيَتِهِمْ يَنْتَظِرُونَ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَمَلَ أَبُو جَهْلٍ الْحَجَرَ ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُ رَجَعَ مُنْبَهِتًا مُمْتَقِعًا لَوْنُهُ مَرْعُوبًا قَدْ يَبِسَتْ يَدَاهُ عَلَى حِجْرِهِ، حَتَّى قَذَفَ الْحَجَرَ مِنْ يَدِهِ، وَقَامَتْ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ. فَقَالُوا لَهُ: مَا بِكَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟

فَقَالَ قُمْتُ إِلَيْهِ لِأَفْعَلَ مَا قَلْتُ لَكُمُ الْبَارِحَةَ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ عَرَضَ لِي دُونَهُ فَحْلٌ مِنَ الْإِبِلِ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَامَتِهِ، وَلَا قَصَرَتِهِ [1] ، وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطُّ فَهَمَّ أَنْ يَأْكُلَنِي. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:

فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ذلك جبريل، ولو دنا منه لَأَخَذَهُ» . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله ابن أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ أَبُو جَهْلٍ- لَعَنَهُ اللَّهُ- فَقَالَ: إِنَّ للَّه عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا سَاجِدًا أَنْ أَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَخَرَجْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ أَبِي جهل، فخرج غضبانا حَتَّى جَاءَ الْمَسْجِدَ فَعَجَّلَ أَنْ يَدْخُلَ مِنَ الْبَابِ فَاقْتَحَمَ الْحَائِطَ. فَقُلْتُ هَذَا يَوْمُ شَرٍّ، فَاتَّزَرْتُ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ فَدَخَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ من عَلَقٍ 96: 1- 2 فلما بلغ شأن أبى جهل كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى 96: 6- 7 فَقَالَ إِنْسَانٌ لِأَبِي جَهْلٍ: يَا أَبَا الْحَكَمِ هَذَا مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ أَلَا تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ وَاللَّهِ لَقَدْ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ عَلَيَّ فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ السُّورَةِ سَجَدَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عن عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا» . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ. قَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ، مَرَّ أَبُو جَهْلٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي. فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ أَنْ تُصَلِّيَ يَا مُحَمَّدُ؟

لَقَدْ عَلِمْتَ مَا بِهَا أَحَدٌ أَكْثَرَ نَادِيًا مِنِّي، فَانْتَهَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ جِبْرِيلُ: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ 96: 17- 18 وَاللَّهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ الْعَذَابِ. رواه أحمد والترمذي وصححه النسائي مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حدثنا إسماعيل بن يزيد أبو زيد حدثنا فرات عن عبد الكريم عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015