رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخٍ أَبْهَمَ اسْمَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ الْأَبْرَشِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الغفار أبو مَرْيَمَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَزَادَ بَعْدَ قوله: «وإني قد جثتكم بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي» وَكَذَا وَكَذَا. قَالَ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهَا جَمِيعًا، وَقُلْتُ وَلَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سنا وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأخمشهم سَاقًا، أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا أَخِي وَكَذَا وَكَذَا فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا» . قَالَ فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ وَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَتُطِيعَ! تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الغفار ابن الْقَاسِمِ أَبُو مَرْيَمَ وَهُوَ كَذَّابٌ شِيعِيٌّ اتَّهَمَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ. وَضَعَّفَهُ الْبَاقُونَ.
وَلَكِنْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى بن ميسرة الحارثي عن عبد الله ابن عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. قَالَ قَالَ عَلِيٌّ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ 26: 214. قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اصْنَعْ لِي رِجْلَ شَاةٍ بِصَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وَإِنَاءٍ لَبَنًا، وَادْعُ لِي بَنِي هَاشِمٍ فَدَعَوْتُهُمْ وَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ لَأَرْبَعُونَ غَيْرَ رَجُلٍ، أَوْ أربعون ورجل فذكر القصة نحو مَا تَقَدَّمَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَبَدَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلَامَ. فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يَقْضِي عَنِّي دَيْنِي وَيَكُونُ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي؟» قَالَ فَسَكَتُوا وَسَكَتَ الْعَبَّاسُ خَشْيَةَ أَنْ يُحِيطَ ذَلِكَ بِمَالِهِ، قَالَ وَسَكَتُّ أَنَا لِسِنِّ الْعَبَّاسِ. ثُمَّ قَالَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَسَكَتَ الْعَبَّاسُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ أَنْتَ؟ قَالَ وَإِنِّي يَوْمَئِذٍ لَأَسْوَأُهُمْ هيئة، وإني لاعمش العينين، ضخم البطن، خمش السَّاقَيْنِ. وَهَذِهِ الطَّرِيقُ فِيهَا شَاهِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ فِيهَا فاللَّه أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ وَرَبِيعَةَ بْنِ نَاجِذٍ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ- أَوْ كَالشَّاهِدِ لَهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مَنْ يَقْضِي عَنِّي دَيْنِي وَيَكُونُ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي يَعْنِي إِذَا مُتُّ، وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشِيَ إِذَا قَامَ بِإِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ [1] أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَاسْتَوْثَقَ مَنْ يَقُومُ بَعْدَهُ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ، وَيَقْضِي عَنْهُ، وَقَدْ أَمَّنَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ من النَّاسِ 5: 67 الآية وَالْمَقْصُودُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَمَرَّ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَيْلًا وَنَهَارًا، وَسِرًّا وَجِهَارًا، لَا يَصْرِفُهُ عَنْ ذَلِكَ صارف ولا يرده عن ذلك راد، ولا يصده عنه ذلك صَادٌّ، يَتْبَعُ النَّاسَ فِي أَنْدِيَتِهِمْ، وَمَجَامِعِهِمْ وَمَحَافِلِهِمْ وَفِي الْمَوَاسِمِ، وَمَوَاقِفِ الْحَجِّ. يَدْعُو مَنْ لَقِيَهُ مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَضَعِيفٍ وَقَوِيٍّ، وَغَنِيٍّ وَفَقِيرٍ،