جوفه ثم مليء حِكْمَةً وَإِيمَانًا. وَثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي قِصَّةُ شَرْحِ الصَّدْرِ لَيْلَتَئِذٍ وَأَنَّهُ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَلَا مُنَافَاةَ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً وَهُوَ صَغِيرٌ وَمَرَّةً لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لِيَتَأَهَّبَ لِلْوُفُودِ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَلِمُنَاجَاةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «أَنَا أَعْرَبُكُمْ، أَنَا قُرَشِيٌّ وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ» وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَنَّ حَلِيمَةَ لَمَّا أَرْجَعَتْهُ إِلَى أُمِّهِ بَعْدَ فِطَامِهِ مَرَّتْ بِهِ عَلَى رَكْبٍ مِنَ النَّصَارَى فَقَامُوا إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَقَلَّبُوهُ وَقَالُوا إِنَّا سَنَذْهَبُ بِهَذَا الْغُلَامِ إِلَى مَلِكِنَا فَإِنَّهُ كَائِنٌ لَهُ شَأْنٌ فَلَمْ تَكَدْ تَنْفَلِتُ مِنْهُمْ إِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ. وَذَكَرَ أَنَّهَا لَمَّا رَدَّتْهُ حِينَ تَخَوَّفَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهُ عَارِضٌ، فَلَمَّا قَرُبَتْ مِنْ مَكَّةَ افْتَقَدَتْهُ فَلَمْ تَجِدْهُ فَجَاءَتْ جَدَّهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فَخَرَجَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ فِي طَلَبِهِ، فَوَجَدَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَتَيَا بِهِ جَدَّهُ، فَأَخَذَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَذَهَبَ فَطَافَ بِهِ يُعَوِّذُهُ وَيَدْعُو لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى أُمِّهِ آمِنَةَ.

وَذَكَرَ الْأُمَوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيِّ- وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قِصَّةَ مَوْلِدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَرَضَاعِهِ مِنْ حَلِيمَةَ عَلَى غَيْرِ سِيَاقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.

وَذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَمَرَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَهُ فَيَطُوفَ به في أحياء العرب ليتخذ لَهُ مُرْضِعَةً فَطَافَ حَتَّى اسْتَأْجَرَ حَلِيمَةَ عَلَى رَضَاعِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَقَامَ عِنْدَهَا سِتَّ سِنِينَ تُزِيرُهُ جَدَّهُ فِي كُلِّ عَامٍ فَلَمَّا كَانَ مِنْ شَقِّ صَدْرِهِ عِنْدَهُمْ مَا كَانَ رَدَّتْهُ إِلَيْهِمْ فَأَقَامَ عِنْدَ أُمِّهِ حَتَّى كَانَ عُمُرُهُ ثَمَانِي سِنِينَ مَاتَتْ فَكَفَلَهُ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَمَاتَ وَلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَشْرُ سِنِينَ، فَكَفَلَهُ عَمَّاهُ شَقِيقَا أَبِيهِ الزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ، فَلَمَّا كَانَ لَهُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً خَرَجَ مَعَ عَمِّهِ الزُّبَيْرِ إِلَى الْيَمَنِ. فَذَكَرَ أَنَّهُمْ رَأَوْا مِنْهُ آيَاتٍ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ مِنْهَا أَنَّ فَحْلًا مِنَ الْإِبِلِ كَانَ قَدْ قَطَعَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فِي وَادٍ مَمَرُّهُمْ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَكَ حَتَّى حَكَّ بِكَلْكَلِهِ الْأَرْضَ فَرَكِبَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَمِنْهَا أَنَّهُ خَاضَ بِهِمْ سَيْلًا عرما فَأَيْبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى جَاوَزُوهُ ثُمَّ مَاتَ عَمُّهُ الزُّبَيْرُ وَلَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَانْفَرَدَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ بَرَكَتَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَلَّتْ عَلَى حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ وَأَهْلِهَا وَهُوَ صَغِيرٌ ثُمَّ عَادَتْ عَلَى هَوَازِنَ بِكَمَالِهِمْ فَوَاضِلُهُ حِينَ أَسَرَهُمْ بَعْدَ وَقْعَتِهِمْ، وَذَلِكَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ بِشَهْرٍ. فَمَتُّوا إِلَيْهِ بِرَضَاعِهِ فَأَعْتَقَهُمْ وَتَحَنَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي مُفُصَّلًا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فِي وَقْعَةِ هَوَازِنَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُنَيْنٍ فَلَمَّا أَصَابَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَسَبَايَاهُمْ أَدْرَكَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ بِالْجِعْرَانَةِ وَقَدْ أَسْلَمُوا، فقالوا يا رسول الله إنا أهل وَعَشِيرَةٌ وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. وقام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015