أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ [1] مِنْ تَارِيخِ ذِي الْقَرْنَيْنِ.

قُلْتُ وَفِي عَامِهَا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ كَانَ قَبْلَ مَوْلِدِهِ بِسِنِينَ كَمَا سَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ.

ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَا قَالَتْهُ الْعَرَبُ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي هَذِهِ الْكَائِنَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي نَصَرَ اللَّهُ فِيهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُشَرِّفَهُ وَيُعَظِّمَهُ وَيُطَهِّرَهُ وَيُوَقِّرَهُ بِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُشْرَعُ لَهُ مِنَ الدِّينِ الْقَوِيمِ الَّذِي أَحَدُ أَرْكَانِهِ الصَّلَاةُ بَلْ عِمَادُ دِينِهِ وَسَيَجْعَلُ قِبْلَتَهُ إِلَى هَذِهِ الْكَعْبَةِ الْمُطَهَّرَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَا فَعَلَهُ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ نُصْرَةً لِقُرَيْشٍ إِذْ ذَاكَ عَلَى النَّصَارَى الَّذِينَ هُمُ الْحَبَشَةُ: فَإِنَّ الْحَبَشَةَ إِذْ ذَاكَ كَانُوا أَقْرَبَ لَهَا مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ وَإِنَّمَا كَانَ النَّصْرُ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ وَإِرْهَاصًا وَتَوْطِئَةً لِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السهمي

تنكلوا [2] عَنْ بَطْنِ مَكَّةَ إِنَّهَا ... كَانَتْ قَدِيمَا لَا يُرَامُ حَرِيمُهَا

لَمْ تُخْلَقِ الشِّعْرَى لَيَالِيَ حُرِّمَتْ ... إِذْ لَا عَزِيزَ مِنَ الْأَنَامِ يَرُومُهَا

سَائِلْ أمير الحبش عَنْهَا مَا رَأَى ... فَلَسَوْفَ يُنْبِي الْجَاهِلِينَ عَلِيمُهَا

ستون ألفا لم يؤبوا أَرْضَهُمْ ... بَلْ لَمْ يَعِشْ بَعْدَ الْإِيَابِ سَقِيمُهَا

كَانَتْ بِهَا عَادٌ وَجُرْهُمُ قَبْلَهُمْ ... وَاللَّهُ مِنْ فَوْقِ الْعِبَادِ يُقِيمُهَا

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ:

وَمِنْ صُنْعِهِ يوم فيل الحبوش ... إِذْ كُلَّمَا بَعَثُوهُ رَزَمْ

مَحَاجِنُهُمْ تَحْتَ أَقْرَابِهِ ... وَقَدْ شَرَمُوا أَنْفَهُ فَانْخَرَمْ

وَقَدْ جَعَلُوا سَوْطَهُ مِغْوَلًا ... إِذَا يَمَّمُوهُ قَفَاهُ كُلِمْ

فَوَلَّى وَأَدْبَرَ أَدْرَاجَهُ ... وَقَدْ بَاءَ بِالظُّلْمِ مَنْ كَانَ ثَمَّ

فَأَرْسَلَ مِنْ فَوْقِهِمْ حَاصِبًا ... فَلَفَّهُمُ مِثْلَ لَفِّ الْقُزُمْ

تَحُضُّ عَلَى الصَّبْرِ أَحْبَارُهُمْ ... وَقَدْ ثَأَجُوا كَثُؤَاجِ الْغَنَمْ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي الصَّلْتِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَهْبِ بْنِ عِلَاجٍ الثقفي قال ابن هشام ويروى لامية ابن أَبِي الصَّلْتِ:

إِنَّ آيَاتِ رَبِّنَا ثَاقِبَاتٌ ... مَا يُمَارِي فِيهِنَّ إِلَّا الْكَفُورُ

خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فكل ... مستبين حسابه مقدور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015