ألف وأكثر خارجا عن الأموال، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156. وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ الْقَيَاسِيرِ شَرٌّ كَثِيرٌ مِنَ الْفِسْقِ وَالرِّبَا وَالزَّغَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَفِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْفِرَنْجَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ اسْتَحْوَذُوا على مدينة صغد: قَدِمُوا فِي سَبْعَةِ مَرَاكِبَ وَقَتَلُوا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِهَا وَنَهَبُوا شَيْئًا كَثِيرًا وَأَسَرُوا أَيْضًا، وَهَجَمُوا عَلَى النَّاسِ وَقْتَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ قَتَلَ مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ خَلْقًا كَثِيرًا وَكَسَرُوا مَرْكَبًا مِنْ مَرَاكِبِهِمْ، وَجَاءَ الْفِرَنْجُ فِي عَشِيَّةِ السَّبْتِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَقَدِمَ الْوَالِي وَهُوَ جَرِيحٌ مُثْقَلٌ، وأمر نَائِبُ السَّلْطَنَةِ عِنْدَ ذَلِكَ بِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَسَارُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وللَّه الْحَمْدُ، وتقدمهم حاجب الحجاب وتحدر إليهم نائب صغد الْأَمِيرُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ، فَسَبَقَ الْجَيْشَ الدِّمَشْقِيَّ، وَوَجَدَ الْفِرَنْجَ قَدْ بَرَزُوا بِمَا غَنِمُوا مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأُسَارَى إِلَى جَزِيرَةٍ تِلْقَاءَ صَيْدًا فِي الْبَحْرِ، وَقَدْ أَسَرَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ شَيْخًا وَشَابًّا مِنْ أَبْنَاءِ أَشْرَافِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي عَاقَهُمْ عَنِ الذَّهَابِ، فَرَاسَلَهُمُ الْجَيْشُ فِي انفكاك الأسارى من أيديهم فبادرهم عَنْ كُلِّ رَأْسٍ بِخَمْسِمِائِةٍ فَأَخَذُوا مِنْ دِيوَانِ الْأُسَارَى مَبْلَغَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُمْ وللَّه الْحَمْدُ أَحَدٌ. وَاسْتَمَرَّ الصَّبِيُّ مِنَ الْفِرَنْجِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَسْلَمَ وَدُفِعَ إِلَيْهِمُ الشَّيْخُ الْجَرِيحُ، وَعَطِشَ الْفِرَنْجُ عَطَشًا شَدِيدًا، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْوَوْا مِنْ نَهْرٍ هُنَاكَ فَبَادَرَهُمُ الْجَيْشُ إِلَيْهِ فَمَنَعُوهُمْ أَنْ يَنَالُوا مِنْهُ قَطْرَةً وَاحِدَةً، فَرَحَلُوا لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءَ مُنْشَمِرِينَ بِمَا مَعَهُمْ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَبُعِثَتْ رُءُوسُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفِرَنْجِ مِمَّنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى الْقَلْعَةِ بِدِمَشْقَ، وَجَاءَ الْخَبَرُ في هذا الوقت بأن إيناس قد أحاط بها الفرنج، وقد أخذوا الربيض وَهُمْ مُحَاصِرُونَ الْقَلْعَةَ، وَفِيهَا نَائِبُ الْبَلَدِ، وَذَكَرُوا أنهم قتلوا خلقا كثيرا من أهلها ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156، وَذَهَبَ صَاحِبُ حَلَبَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ نَحْوَهُمْ وَاللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يُظْفِرَهُمْ بِهِمْ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، وَشَاعَ بَيْنَ الْعَامَّةِ أَيْضًا أَنَّ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ مُحَاصَرَةٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ إِلَى الْآنِ، وباللَّه الْمُسْتَعَانُ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ رَابِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ قَدِمَ رُءُوسٌ مِنْ قَتْلَى الْفِرَنْجِ عَلَى صَيْدًا، وَهِيَ بِضْعٌ وَثَلَاثُونَ رَأْسًا، فنصبت على شرافات الْقَلْعَةِ فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ وللَّه الْحَمْدُ وَفِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ دَاخِلَ بَابِ الصَّغِيرِ مِنْ مَطْبَخِ السُّكَّرِ الَّذِي عِنْدَ السَّوِيقَةِ الْمُلَاصِقَةِ لِمَسْجِدِ الشناشين، فَاحْتَرَقَ الْمَطْبَخُ وَمَا حَوْلَهُ إِلَى حَمَّامِ أَبِي نَصْرٍ، وَاتَّصَلَ بِالسَّوِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا هُنَالِكَ مِنَ الْأَمَاكِنِ، فَكَانَ قَرِيبًا أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَرِيقِ ظاهر باب الفرج ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَلَكِنْ كَانَ الرِّيحُ قَوِيًّا، وَذَلِكَ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
وَتُوُفِّيَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ الْحَمَوِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ الرُّوَاةِ فِي لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرَ