الْمَوْلَوِيِّ السُّلْطَانِيِّ الْمَلَكِيِّ الْمُؤَيَّدِيِّ، عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ عَمُّهُ الْمَنْصُورُ.

وَفِيهَا عَمَرَ ابْنُ الْمَرْجَانِيِّ شِهَابُ الدِّينِ مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَفِي الْمُحَرَّمِ اسْتَقَالَ أَمِينُ الدين مِنْ نَظَرِ طَرَابُلُسَ وَأَقَامَ بِالْقُدْسِ. وَفِي آخِرِ صَفَرٍ بَاشَرَ نِيَابَةَ الْحُكْمِ الْمَالِكِيِّ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَفَصِيُّ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ مَعَ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفِ الدِّينِ مِنْ مِصْرَ.

وَفِي يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ الْخَامِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ضُرِبَتْ عُنُقُ شَخْصٍ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الرُّومِيُّ وَكَانَ غُلَامًا لِبَعْضِ التُّجَّارِ، وَكَانَ قَدْ لَزِمَ الْجَامِعَ، ثُمَّ ادَّعَى النُّبُوَّةَ واستتيب فَلَمْ يَرْجِعْ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَكَانَ أَشْقَرَ أَزْرَقَ الْعَيْنَيْنِ جَاهِلًا، وَكَانَ قَدْ خَالَطَهُ شَيْطَانٌ حَسَّنَ لَهُ ذَلِكَ، وَاضْطَرَبَ عَقْلُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ شَيْطَانٌ إِنْسِيٌّ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي رَبِيعٍ الْآخِرِ عُقِدَ عَقْدُ السُّلْطَانِ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي قَدِمَتْ مِنْ بِلَادِ الْقَبْجَاقِ، وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ، وَخُلِعَ عَلَى الْقَاضِي بدر الدين ابن جَمَاعَةَ وَكَاتِبِ السِّرِّ وَكَرِيمِ الدِّينِ وَجَمَاعَةِ الْأُمَرَاءِ، وَوَصَلَتِ الْعَسَاكِرُ فِي هَذَا الشَّهْرِ إِلَى بِلَادِ سيس وغرق في بحر جاهان من عساكر طَرَابُلُسَ نَحْوٌ مِنْ أَلْفِ فَارِسٍ، وَجَاءَتْ مَرَاسِيمُ السلطان في هذا اليوم إلى الشام في الاحتياط على أخبار آلِ مُهَنَّا وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ لِغَضَبِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ قُدُومِ وَالِدِهِمْ مُهَنَّا عَلَى السُّلْطَانِ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعِ عِشْرِينَ جُمَادَى الْأُولَى دَرَّسَ بِالرُّكْنِيَّةِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ الْأَسْمَرُ الْحَنَفِيُّ وَأُخِذَتْ مِنْهُ الْجَوْهَرِيَّةُ لِشَمْسِ الدِّينِ البرقي الْأَعْرَجِ، وَتَدْرِيسُ جَامِعِ الْقَلْعَةِ لِعِمَادِ الدِّينِ بْنِ مُحْيِي الدِّينِ الطَّرَسُوسِيِّ، الَّذِي وَلِيَ قَضَاءَ الْحَنَفِيَّةِ بعد هذا، وأخذ من البرقي إمامة مسجد نور الدين له بحارة اليهود، ولعماد الدين بن الكيال، وامامة الربوة الشيخ محمد الصبيبى. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ اجْتَمَعَتِ الْجُيُوشُ الْإِسْلَامِيَّةُ بِأَرْضِ حَلَبَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ نَائِبُ حَلَبَ أَلْطُنْبُغَا وَفِيهِمْ نَائِبُ طَرَابُلُسَ شِهَابُ الدين قرطبة، فدخلوا بلاد الأرمن من اسكندرونة ففتحوا الثغر ثم تل حمدان ثُمَّ خَاضُوا جَاهَانَ فَغَرِقَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ ثُمَّ سلم الله من وَصَلُوا إِلَى سِيسَ فَحَاصَرُوهَا وَضَيَّقُوا عَلَى أَهْلِهَا وَأَحْرَقُوا دَارَ الْمَلِكِ الَّتِي فِي الْبَلَدِ، وَقَطَعُوا أَشْجَارَ الْبَسَاتِينِ وَسَاقُوا الْأَبْقَارَ وَالْجَوَامِيسَ وَالْأَغْنَامَ وَكَذَلِكَ فَعَلُوا بِطَرَسُوسَ، وَخَرَّبُوا الضِّيَاعَ وَالْأَمَاكِنَ وَأَحْرَقُوا الزُّرُوعَ ثُمَّ رَجَعُوا فَخَاضُوا النَّهْرَ الْمَذْكُورَ فَلَمْ يَغْرَقْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَأَخْرَجُوا بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مُهَنَّا وَأَوْلَادَهُ من بلادهم وساقوا خلفه إلى غانة وَحَدِيثَةَ ثُمَّ بَلَغَ الْجُيُوشَ مَوْتُ صَاحِبِ سِيسَ وَقِيَامُ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَشَنُّوا الْغَارَاتِ عَلَى بلاده وتابعوها وغنموا وأسروا إِلَّا فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ جماعة.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْفِرَنْجِ فَنَصَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أعدائهم فقتلوا منهم خمسين ألفا وَأَسَرُوا خَمْسَةَ آلَافٍ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْقَتْلَى خمسة وعشرين ملكا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015