مِنْ أَكَابِرِ الدَّوْلَةِ، وَأَرَادُوا كَبْسَ جُوبَانَ فَهَرَبَ وجاء إلى السلطان فأنهى إِلَيْهِ مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَفِي صُحْبَتِهِ الْوَزِيرُ عَلِيُّ شَاهْ، وَلَمْ يَزَلْ بِالسُّلْطَانِ حَتَّى رَضِيَ عَنْ جُوبَانَ وَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ كَثِيفٍ، وَرَكِبَ السُّلْطَانُ مَعَهُ أَيْضًا وَالْتَقَوْا مَعَ أُولَئِكَ فَكَسَرُوهُمْ وَأَسَرُوهُمْ، وَتَحَكَّمَ فِيهِمْ جُوبَانُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ إِلَى آخِرِ هذه السنة نحوا من أربعين أميرا.
أبو عبد الله الحسن بن سليمان بن خزارة بْنِ بَدْرٍ الْكَفْرِيُّ الْحَنَفِيُّ، وُلِدَ تَقْرِيبًا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ كِتَابَ التِّرْمِذِيِّ، وَقَرَأَ الْقِرَاءَاتِ وَتَفَرَّدَ بِهَا مُدَّةً يَشْتَغِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ السَّبْعَ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ طَالِبًا، وَكَانَ يَعْرِفُ النَّحْوَ وَالْأَدَبَ وَفُنُونًا كَثِيرَةً وَكَانَتْ مُجَالَسَتُهُ حَسَنَةً، وَلَهُ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ، دَرَّسَ بِالطَّرْخَانِيَّةِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَنَابَ فِي الْحُكْمِ عَنِ الْأَذْرَعِيِّ مُدَّةَ ولايته، وكان خيرا مباركا أضر فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَانْقَطَعَ فِي بَيْتِهِ، مُوَاظِبًا عَلَى التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ توفى ثَالِثَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَئِذٍ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَامِدٍ التِّبْرِيزِيِّ الشَّافِعِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْأَفْضَلِيِّ، بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْحَجِّ بِبَغْدَادَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ صَفَرٍ، وَكَانَ صَالِحًا فَقِيهًا مُبَارَكًا، وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى رَشِيدِ الدَّوْلَةِ وَيَحُطُّ عَلَيْهِ، وَلَمَّا قُتِلَ قَالَ كَانَ قَتْلُهُ أَنْفَعَ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ أَلْفِ نَصْرَانِيٍّ، وَكَانَ رَشِيدُ الدولة يريد أن يترضاه فلم يَقْبَلُ، وَكَانَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا، وَلَمَّا تُوُفِّيَ دُفِنَ بِتُرْبَةِ الشُّونِيزِيِّ، وَكَانَ قَدْ قَارَبَ السِّتِّينَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
كَاتِبُ مَلِكِ الْأُمَرَاءِ، وَمُسْتَوْفِي الْأَوْقَافِ، كَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ محببا لِلْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، فِيهِ كَرَمٌ وَخِدْمَةٌ كَثِيرَةٌ لِلنَّاسِ، توفى في رَابِعَ عِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ ابْنِ هِلَالٍ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ وَلَهُ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَبَاشَرَ بَعْدَهُ فِي وَظِيفَتِهِ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ النَّحَّاسِ.
الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ غُرْلُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَادِلِيُّ
كَانَ مِنْ أَكَابِرِ الدَّوْلَةِ وَمِنَ الْأُمَرَاءِ الْمُقَدَّمِينَ الْأُلُوفِ، وَقَدْ نَابَ بِدِمَشْقَ عَنْ أُسْتَاذِهِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ كَتْبُغَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِينَ، وَاسْتَمَرَّ أَمِيرًا كَبِيرًا إِلَى أن توفى في سابع جُمَادَى الْأُولَى يَوْمِ الْخَمِيسِ وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِشَمَالِيِّ جَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ بَقَاسِيُونَ، وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا نَاصِحًا لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، مَاتَ فِي عَشْرِ السِّتِّينَ.