ثَبَاتَ الْكُتُبِ وَلَا يَأْخُذُوا أَجْرًا عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَأَنْ لَا يَغْتَابُوا أَحَدًا وَأَنْ يَتَنَاصَفُوا فِي الْمَعِيشَةِ ثُمَّ جَلَسُوا مَرَّةً ثَانِيَةً لِذَلِكَ وَتَوَاعَدُوا ثَالِثَةً فَلَمْ يَتَّفِقِ اجْتِمَاعُهُمْ، وَلَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ مِنْ مَرْكَزِهِ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ عُقِدَ مَجْلِسٌ فِي دَارِ ابْنِ صصريّ لبدر الدين بن بضيان وَأُنْكِرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْقِرَاءَاتِ فَالْتَزَمَ بِتَرْكِ الْإِقْرَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ بَعْدَ أَيَّامٍ فِي الْإِقْرَاءِ فَأُذِنَ لَهُ فَجَلَسَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْجَامِعِ وَصَارَتْ لَهُ حَلْقَةٌ عَلَى الْعَادَةِ. وَفِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ تُوُفِّيَ نَائِبُ حَلَبَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدين سودى ودفن بتربته وولى مكانه عَلَاءُ الدِّينِ أَلْطُنْبُغَا الصَّالِحِيُّ الْحَاجِبُ بِمِصْرَ، قَبْلَ هَذِهِ النِّيَابَةِ. وَفِي تَاسِعِ شَعْبَانَ خُلِعَ عَلَى الشَّرِيفِ شَرَفِ الدِّينِ عَدْنَانَ بِنِقَابَةِ الْأَشْرَافِ بَعْدَ والده أمين الدين جعفر توفى في الشهر الماضي.
وَفِي خَامِسِ شَوَّالٍ دُفِنَ الْمَلِكُ شَمْسُ الدِّينِ دوباح بن ملك شاه بْنِ رُسْتَمَ صَاحِبُ كَيْلَانَ بِتُرْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ قَدْ قَصَدَ الْحَجَّ فِي هَذَا الْعَامِ، فَلَمَّا كَانَ بِغَبَاغِبَ أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ يَوْمَ السبت سادس عشرين رَمَضَانَ فَحُمِلَ إِلَى دِمَشْقَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ فِي هَذِهِ التُّرْبَةِ، اشْتُرِيَتْ لَهُ وَتُمِّمَتْ وَجَاءَتْ حَسَنَةً وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْمُكَارِيَّةِ شَرْقِيَّ الْجَامِعِ المظفري، وكان له في مملكة كيلان خمسة وعشرون سَنَةً، وَعُمِّرَ أَرْبَعًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَأَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ جَمَاعَةٌ فَفُعِلَ ذَلِكَ وَخَرَجَ الرَّكْبُ فِي ثَالِثِ شَوَّالٍ وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ سُنْقُرُ الْإِبْرَاهِيمِيُّ وَقَاضِيهِ مُحْيِي الدِّينِ قَاضِي الزَّبَدَانِيِّ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِ ذِي الْقَعْدَةِ قَدِمَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْحَدَّادِ مِنَ الْقَاهِرَةِ مُتَوَلِّيًا حِسْبَةَ دِمَشْقَ فَخُلِعَ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ فَخْرِ الدِّينِ سُلَيْمَانَ الْبُصْرَاوِيِّ، عُزِلَ فَسَافَرَ سَرِيعًا إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِيَشْتَرِيَ خَيْلًا لِلسُّلْطَانِ يُقَدِّمُهَا رِشْوَةً عَلَى الْمَنْصِبِ الْمَذْكُورِ، فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي سابع عشر الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَحُمِلَ إِلَى بُصْرَى فَدُفِنَ بِهَا عِنْدَ أَجْدَادِهِ فِي ثَامِنِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ شابا حسنا كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ حَسَنَ الشَّكْلِ. وَفِي أَوَاخِرِهِ مُسِكَ نائب صغد بلبان طوباى المنصوري وسجن وتولى مكانه سيف الدين بلباى البدري. وفي سادس ذي الحجة تولى وِلَايَةَ الْبَرِّ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مَعْبَدٍ الْبَعْلَبَكِّيُّ عِوَضًا عَنْ شَرَفِ الدين عيسى بن البركاسى، وَفِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى وَصَلَ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ مِنْ مِصْرَ وَقَدْ أُفْرِجَ عنه فسلم عليه الأمراء. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أُعِيدَ أَمِينُ الْمُلْكِ إِلَى نظر النظار بمصر وخلع على الصاحب بهاء الدين النسائي بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ عِوَضًا عَنْ سَعْدِ الدِّينِ حَسَنِ بن الاقفاصى. وَفِيهِ وَرَدَتِ الْبَرِيدِيَّةُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ لِلْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ بِالْمَسِيرِ إِلَى حَلَبَ وَأَنْ يَكُونَ مُقَدَّمُ الْعَسَاكِرِ كُلِّهَا تَنْكِزَ نَائِبَ الشَّامِ، وَقَدِمَ مِنْ مِصْرَ سِتَّةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ عَلَيْهِمُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بكتمر الأبوبكري، وفيهم تجليس وبدر الدين الوزيري، وكتشلى وابن طيبرس وشاطئ وَابْنُ سَلَّارَ وَغَيْرُهُمْ، فَتَقَدَّمُوا إِلَى الْبِلَادِ الْحَلَبِيَّةِ بين يدي نائب الشام تنكز