الشيخ شرف الدين توفى إلى رحمة الله، وخلع عليهما بذلك وباشرا في يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثَالِثَ عَشَرَ الشَّهْرِ وَخَطَبَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ خُطْبَةً حَسَنَةً حَضَرَهَا النَّاسُ وَالْأَعْيَانُ، ثُمَّ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنِ الخطابة وآثر بقاءه على تدريس الْبَادَرَائِيَّةِ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّهَا طُلِبَتْ لِتُؤْخَذَ مِنْهُ، فَبَقِيَ مَنْصِبُ الْخَطَابَةِ شَاغِرًا وَنَائِبُ الْخَطِيبِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَيَخْطُبُ، وَدَخَلَ عِيدُ الْأَضْحَى وَلَيْسَ لِلنَّاسِ خطيب، وقد كاتب نائب السلطنة في ذلك فَجَاءَ الْمَرْسُومُ بِإِلْزَامِهِ بِذَلِكَ، وَفِيهِ: لِعِلْمِنَا بِأَهْلِيَّتِهِ وَكِفَايَتِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ تَدْرِيسِ البادرائية، فباشرها القيسي جمال الدين ابن الرحبيّ، سَعَى فِي الْبَادَرَائِيَّةِ فَأَخَذَهَا وَبَاشَرَهَا فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْآتِيَةِ بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، فَعَزَلَ الْفَزَارِيُّ نفسه عن الْخَطَابَةِ وَلَزِمَ بَيْتَهُ، فَرَاسَلَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِذَلِكَ، فَصَمَّمَ عَلَى الْعَزْلِ وَأَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهَا أبدا، وذكر أنه عجز عنها، فلما تحقق نائب السلطنة ذلك أَعَادَ إِلَيْهِ مَدْرَسَتَهُ وَكَتَبَ لَهُ بِهَا تَوْقِيعًا بالعشر الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَخَلَعَ عَلَى شَمْسِ الدين بن الخطيريّ بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ. وَحَجَّ بالناس الأمير شرف الدين حسن بن حيدر.
ابن سابق بن الشيخ يونس القيسي ودفن بزاويتهم التي بالشرق الشَّمَالِيِّ بِدِمَشْقَ غَرْبِيَّ الْوِرَاقَةِ وَالْعِزِّيَّةِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سابع المحرم.
ابن الملك تقى الدين شادى بْنُ الْمَلِكِ الزَّاهِرِ مُجِيرِ الدِّينِ دَاوُدَ بْنِ الْمَلِكُ الْمُجَاهِدُ أَسَدُ الدِّينِ شِيرْكُوهْ بْنُ نَاصِرِ الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادى، تُوُفِّيَ بِجَبَلِ الْجُرْدِ فِي آخِرِ نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي صَفَرٍ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً فَنُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِمْ بِالسَّفْحِ، وَكَانَ مِنْ خيار الملوك والدولة، مُعَظَّمًا عِنْدَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ، وَكَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِعُلُومٍ، وَلَدَيْهِ فَضَائِلُ.
عَلِيُّ بْنُ مَعَالِي الْأَنْصَارِيُّ الْحَرَّانِيُّ الْحَاسِبُ، يعرف بابن الزريز، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا فِي صِنَاعَةِ الْحِسَابِ انْتَفَعَ به جماعة، توفى في آخر هَذِهِ السَّنَةِ فَجْأَةً وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ، وَقَدْ أَخَذْتُ الْحِسَابَ عَنِ الْحَاضِرِيِّ عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ الطُّيُورِيِّ عَنْهُ.
أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سِبَاعِ بْنِ ضِيَاءٍ الْفَزَارِيُّ، الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَخُو الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَانْتَفَعَ عَلَى الْمَشَايِخِ فِي ذلك العصر كابن الصلاح وابن السخاوي وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى وَنَاظَرَ وَبَرَعَ وَسَادَ أَقْرَانَهُ، وَكَانَ أُسْتَاذًا فِي