الْمُحَرَّمِ دَرَّسَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ غَانِمٍ بِالْعَصْرُونِيَّةِ، وَفِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ دَرَّسَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدين ابن الزَّمَلْكَانِيِّ بِالرَّوَاحِيَّةِ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ مَكِّيٍّ بِحُكْمِ انْتِقَالِهِ إِلَى حَلَبَ وَإِعْرَاضِهِ عَنِ المدرسة المذكورة، ودخل الركب الشامي في آخر صَفَرٍ، وَكَانَ مِمَّنْ حَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الشيخ تقى الدين بن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ أَمِيرَهُمُ الْبَاسِطِيُّ وَنَالَهُمْ في معان ربح شَدِيدَةٌ جِدًّا مَاتَ بِسَبَبِهَا جَمَاعَةٌ، وَحَمَلَتِ الرِّيحُ جِمَالًا عَنْ أَمَاكِنِهَا، وَطَارَتِ الْعَمَائِمُ عَنِ الرُّءُوسِ، وَاشْتَغَلَ كُلُّ أَحَدٍ بِنَفْسِهِ. وَفِي صَفَرٍ مِنْهَا وَقَعَ بِدِمَشْقَ بَرْدٌ عَظِيمٌ أَفْسَدَ شَيْئًا كَثِيرًا من المغلات بحيث بيع القمح كل عشرة أَوَاقٍ بِدِرْهَمٍ، وَمَاتَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الدَّوَابِّ، وفيه زلزلت ناحية الكرك وسقط من تلفيتا أماكن كثيرة.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْقُدْوَةُ الْعَارِفُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بن يوسف ابن يونس بن إبراهيم بن سلمان الْأُرْمَوِيُّ، الْمُقِيمُ بِزَاوِيَتِهِ بِسَفْحِ قَاسِيونَ، كَانَ فِيهِ عِبَادَةٌ وَانْقِطَاعٌ وَلَهُ أَوْرَادٌ وَأَذْكَارٌ، وَكَانَ مُحَبَّبًا إِلَى النَّاسِ، تُوُفِّيَ بِالْمُحَرَّمِ وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بالسفح.
الشَّيْخِ ظَهِيرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْغَنَائِمِ الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الأعمى، ولد سنة عشرة وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا، لَهُ قَصَائِدُ يَمْتَدِحُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمَّاهَا الشَّفْعِيَّةَ، عَدَدُ كُلِّ قَصِيدَةٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بَيْتًا. قَالَ الْبَرَزَالِيُّ: سَمِعْتُهُ وَلَهُ الْمَقَامَةُ الْبَحْرِيَّةُ الْمَشْهُورَةُ، تُوُفِّيَ فِي الْمُحَرَّمِ وَدُفِنَ بِالصُّوفِيَّةِ.
أَبُو سُلَيْمَانَ داود بْنُ الْمَلِكِ الْمُجَاهِدِ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوهْ صَاحِبُ حِمْصَ ابْنِ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ، تُوُفِّيَ بِبُسْتَانِهِ عَنْ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِالسَّفْحِ، وَكَانَ دَيِّنًا كَثِيرَ الصَّلَاةِ فِي الْجَامِعِ، وَلَهُ إِجَازَةٌ مِنَ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ وَزَيْنَبَ الشِّعْرِيَّةِ وَأَبِي رَوْحٍ وَغَيْرِهِمْ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْوَاسِطِيُّ
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَضْلٍ الْوَاسِطِيُّ ثُمَّ الدمشقيّ الحنبلي، شَيْخُ الْحَدِيثِ بِالظَّاهِرِيَّةِ بِدِمَشْقَ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرِ النَّهَارِ رَابِعِ عِشْرِينَ جُمَادَى الْآخِرَةِ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا، تَفَرَّدَ بِعُلُوِّ الرِّوَايَةِ، وَلَمْ يَخْلُفْ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَقَدْ تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ ثُمَّ رَحَلَ إِلَى الشَّامِ وَدَرَّسَ بالصالحية مُدَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَبِمَدْرَسَةِ أَبِي عُمَرَ، وَوَلِيَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ مَشْيَخَةَ الْحَدِيثِ بِالظَّاهِرِيَّةِ بَعْدَ سفر الفاروثيّ، وكان داعية إلى مذهب السلف والصدر الأول، وكان يعود المرضى ويشهد الجنائز ويأمر بالمعروف وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ الله تعالى رحمه الله. وقد درس بعده بالصالحية الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَدِ الْقَوِيِّ الْمَرْدَاوِيَّ، وَبِدَارِ الْحَدِيثِ الظَّاهِرِيَّةِ