أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ بَلَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
النَّاصِرِيُّ الْمُحَدِّثُ الْمُفِيدُ الْمَاهِرُ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلَّ رَمَضَانَ.
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ تَمِيمٍ الْحَمَوِيُّ الشَّاعِرُ، صَاحِبُ الدِّيوَانِ فِي الشِّعْرِ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
عَايَنْتُ وَرْدَ الرَّوْضِ يَلْطِمُ خَدَّهُ ... وَيَقُولُ قَوْلًا فِي الْبَنَفْسِجِ يُحْنَقُ [1]
لَا تَقْرَبُوهُ وَإِنْ تَضَوَّعَ نَشْرُهُ ... مَا بَيْنَكُمْ فَهُوَ الْعَدُوُّ الْأَزْرَقُ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الرُّومِيُّ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَمِنْ عِنْدِهِمْ خَرَجَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ السَّاوَجِيُّ وَحَلَقَ ودخل في ذي الجوالقية وَصَارَ شَيْخَهُمْ وَمُقَدَّمَهُمْ.
اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ، وَالسُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ قَلَاوُونُ، وَنَائِبُهُ بِالشَّامِ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارِيُّ الْمَنْصُورِيُّ، وَالْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ الصَّوَابِيُّ مُحَاصِرٌ مَدِينَةَ الْكَرَكِ فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ مِصْرَ عَسْكَرٌ صُحْبَةَ الأمير حسام الدين طرقطاى، فَاجْتَمَعُوا عَلَى حِصَارِ الْكَرَكِ حَتَّى أَنْزَلُوا مِنْهَا صَاحِبَهَا الْمَلِكَ الْمَسْعُودَ خَضِرَ بْنَ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، فِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ، وَجَاءَتِ الْبِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى دمشق، فدقت البشائر ثلاثة أيام، وعاد طرقطاى بِالْمَلِكِ خَضِرٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، كَمَا فَعَلَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ أَبُوهُ بِالْمَلِكِ الْمُغِيثِ عُمَرَ بْنِ الْعَادِلِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَاسْتَنَابَ فِي الْكَرَكِ نَائِبًا عَنْ أَمْرِ الْمَنْصُورِ، وَرَتَّبَ أُمُورَهَا وَأَجْلَوْا مِنْهَا خَلْقًا مِنَ الْكَرَكِيِّينَ، وَاسْتَخْدَمُوا بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ. وَلَمَّا اقْتَرَبَ دُخُولُ آلِ الظَّاهِرِ إِلَى الْقَاهِرَةِ تَلَقَّاهُمُ الْمَنْصُورُ فَأَكْرَمَ لُقْيَاهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَى الْأَخَوَيْنِ نَجْمِ الدِّينِ خَضِرٍ، وَبَدْرِ الدِّينِ سَلَامُشَ، وَجَعَلَهُمَا يَرْكَبَانِ مَعَ ابْنَيْهِ عَلِيٍّ وَالْأَشْرَفِ خَلِيلٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمَا عُيُونًا يَرْصُدُونَ مَا يَفْعَلَانِ، وَأُنْزِلَا الدُّورَ بِالْقَلْعَةِ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِمْ مِنَ الرَّوَاتِبِ وَالنَّفَقَاتِ مَا يَكْفِيهِمْ وَزِيَادَةٌ كَثِيرَةٌ، وَكَتَبَ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ بَكْتُوتُ الْعَلَائِيُّ وَهُوَ مُجَرَّدٌ بِحِمْصَ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ لَاجِينَ، أَنَّهُ قَدِ انْعَقَدَتْ زَوْبَعَةٌ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِ صَفَرٍ بِأَرْضِ حِمْصَ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ فِي السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الْعَمُودِ والحية العظيمة، وجعلت تختطف الحجارة الكبار، ثم تصعد بِهَا فِي الْجَوِّ كَأَنَّهَا سِهَامُ النُّشَّابِ وَحَمَلَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْجِمَالِ بِأَحْمَالِهَا، وَالْأَثَاثِ وَالْخِيَامِ وَالدَّوَابِّ، فَفَقَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ وقع مطر عظيم في دمشق وجاء سيل كثير ولا سيما في الصالحية.
وفيها أعيد علم الدين الدويدارى إلى مشد الدواوين بدمشق، والصاحب تقى الدين بن توبة