أَبِيهِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ.
وَفِي خَامِسِ رَجَبٍ تُوُفِّيَ. الأمير الكبير ملك عرب آل مثرى
أَحْمَدُ بْنُ حَجِّي بِمَدِينَةِ بُصْرَى، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ صَلَاةُ الْغَائِبِ.
عَبْدُ الْحَلِيمِ بْنُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ مجد الدين عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانَيُّ، وَالِدُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الْعَلَمِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، مُفْتِي الْفِرَقِ، الْفَارِقُ بَيْنَ الفرق، كان له فضيلة حسنة، ولديه فضائل كَثِيرَةٌ، وَكَانَ لَهُ كُرْسِيٌّ بِجَامِعِ دِمَشْقَ يَتَكَلَّمُ عليه عن ظاهر قَلْبِهِ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ السُّكَّرِيَّةِ بِالْقَصَّاعِينَ، وبها كان سكنه، ثُمَّ دَرَّسَ وَلَدُهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِهَا بَعْدَهُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا دَرَّسَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ بِدَارِ الْحَدِيثِ السُّكَّرِيَّةِ الَّتِي بِالْقَصَّاعِينَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ بَهَاءُ الدين ابن الزَّكِيِّ الشَّافِعِيُّ، وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ ابْنُ الْمُرَحِّلِ، وَزَيْنُ الدِّينِ بْنُ الْمُنَجَّا الْحَنْبَلِيُّ، وَكَانَ دَرْسًا هَائِلًا، وَقَدْ كَتَبَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ بِخَطِّهِ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ، وَكَثْرَةِ مَا اسْتَحْسَنَهُ الْحَاضِرُونَ. وَقَدْ أَطْنَبَ الْحَاضِرُونَ فِي شُكْرِهِ عَلَى حَدَاثَةِ سِنِّهِ وَصِغَرِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ عُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ عِشْرِينَ سَنَةً وَسَنَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَذْكُورُ أَيْضًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَاشِرَ صَفَرٍ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَى مِنْبَرٍ قَدْ هُيِّئَ لَهُ لِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، فَابْتَدَأَ مِنْ أَوَّلِهِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَكَانَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُورِدُ مِنَ الْعُلُومِ الْمُتَنَوِّعَةِ الْمُحَرَّرَةِ مَعَ الدِّيَانَةِ وَالزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ سَارَتْ بِذِكْرِهِ الرُّكْبَانُ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةَ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةٍ وَفِيهَا قَدِمَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ مِنْ مِصْرَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَجَاءَ صَاحِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ إِلَى خِدْمَتِهِ فَتَلَقَّاهُ السُّلْطَانُ فِي مَوْكِبِهِ وَأَكْرَمَهُ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْأَرْبِعَاءِ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَقَعَ مَطَرٌ عَظِيمٌ بِدِمَشْقَ، وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ، وَجَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ جِدًّا حَتَّى كَسَرَ أَقْفَالَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَارْتَفَعَ الْمَاءُ ارْتِفَاعًا كَثِيرًا، بِحَيْثُ أَغْرَقَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَخَذَ جِمَالَ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ وَأَثْقَالَهُمْ، فَخَرَجَ السُّلْطَانُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وتولى مشد الدَّوَاوِينِ الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ سُنْقُرُ عِوَضًا عَنِ الدويدارى علم الدين سنجر. وفيها اختلف التتار فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى مَلِكِهِمُ