التَّتَرِ بِذَلِكَ. وَفِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ قَبَضَ السُّلْطَانُ عَلَى الْأَمِيرِ الْكَبِيرِ بَدْرِ الدِّينِ بَيْسَرِي السَّعْدِيِّ، وَعَلَى الْأَمِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ السَّعْدِيِّ الشَّمْسِيِّ أَيْضًا.
وَفِيهَا دَرَّسَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ بالقيمرية، والشيخ شمس الدين ابن الصفي الحريري بالسرحانية، وَعَلَاءُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ بِالْأَمِينِيَّةِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ وَقَعَ حَرِيقٌ بِاللَّبَّادِينَ عَظِيمٌ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ إِذْ ذَاكَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارُ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَتْ لَيْلَةً هَائِلَةً جِدًّا وَقَى الله شرها، واستدرك بعد ذلك أمرها القاضي نجم الدِّينِ بْنُ النَّحَّاسِ نَاظِرُ الْجَامِعِ، فَأَصْلَحَ الْأَمْرَ وَسَدَّ وَأَعَادَ الْبِنَاءَ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَ وللَّه الحمد والمنة.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
برهان الدين أبو إسحاق ابن الشيخ صفى الدين أبى الفداء إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلَوِيِّ ابن الرضى الحنفي إمام المعزية بالكشك. وأسمع من جماعة منهم الكندي ابن الْحَرَسْتَانِيِّ وَلَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ سَمَاعُهُ مِنْهُمَا إِلَّا بعد وفاته، وقد أجاز له أبو نصر الصيدلاني وعفيفة الفارقانية وابن الميداني، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا مُحِبًّا لِإِسْمَاعِ الْحَدِيثِ، كَثِيرَ الْبِرِّ بِالطَّلَبَةِ لَهُ، وَقَدْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ الْمِزِّيُّ مُعْجَمَ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ بِقِرَاءَةِ الْحَافِظِ الْبِرْزَالِيِّ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ [وَخَمْسِمِائَةٍ] وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ سَابِعَ صَفَرٍ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ الْحُجَّاجُ إِلَى دِمَشْقَ مِنَ الْحِجَازِ، وَكَانَ هُوَ مَعَهُمْ فَمَاتَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ بِدِمَشْقَ.
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بن شمس الدين أبو بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ طَلْحَةَ الْحَلَبِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْأَشْتَرِيِّ الشَّافِعِيُّ، الْمُحَدِّثُّ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَحَصَّلَ وَوَقَفَ أَجْزَاءً بِدَارِ الحديث الأشرفية وَكَانَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ يُثَنَّى عَلَيْهِ ويرسل إليه الصبيان ليقرأوا عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ لِأَمَانَتِهِ عِنْدَهُ، وَصِيَانَتِهِ وَدِيَانَتِهِ.
مَحْمُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرَاغِيُّ الشَّافِعِيُّ، مُدَرِّسُ الْفَلَكِيَّةِ، كَانَ فَاضِلًا بَارِعًا، عُرِضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَلَمْ يَقْبَلْ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَأَسْمَعَهُ، وَدَرَّسَ بَعْدَهُ بِالْفَلَكِيَّةِ الْقَاضِي بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ.
أَبُو مُحَمَّدٍ بن عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الزَّوَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ، قَاضِي قُضَاةِ الْمَالِكِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَهُوَ أَوَّلُ من باشر القضاء بها، وعزل نفسه عنها تَوَرُّعًا وَزَهَادَةً، وَاسْتَمَرَّ بِلَا وِلَايَةٍ ثَمَانِ سِنِينَ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنَ رَجَبٍ مِنْهَا عَنْ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقَدْ سَمِعَ الحديث واشتغل على السنجاري