وممن توفى فيها من الأعيان.

السلطان بركه خان بن تولى بن جنكيزخان

قاضى القضاة بالديار المصرية

فَصَارَ فِي حُكْمِ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ وَشَعِثَ حَالُهُ وَتَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهُ، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِعِمَارَتِهِ وَبَيَاضِهِ وَإِقَامَةِ الجمعة وأمر بعمارة جامع الحسينية وكمل فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَفِيهَا أَمَرَ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَبِيتَ أَحَدٌ مِنَ الْمُجَاوِرِينَ بِجَامِعِ دِمَشْقَ فيه وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْخَزَائِنِ مِنْهُ، وَالْمَقَاصِيرِ الَّتِي كَانَتْ فيه، فكانت قريبا من ثلاثمائة، وَوَجَدُوا فِيهَا قَوَارِيرَ الْبَوْلِ وَالْفُرُشِ وَالسَّجَاجِيدِ الْكَثِيرَةِ، فَاسْتَرَاحَ النَّاسُ وَالْجَامِعُ مِنْ ذَلِكَ وَاتَّسَعَ عَلَى المصلين.

وفيها أمر السلطان بعمارة أسوار صغد وَقَلْعَتِهَا، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ 21: 105 أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 58: 22.

وَفِيهَا الْتَقَى أَبْغَا وَمَنْكُوتَمُرُ الَّذِي قَامَ مَقَامَ بَرَكَةَ خَانَ فَكَسَرَهُ أَبْغَا وَغَنِمَ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا.

وَحَكَى ابْنُ خَلِّكَانَ فِيمَا نَقَلَ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ قُطْبِ الدِّينِ الْيُونِينِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أن رجلا يدعى أبا سَلَامَةَ [1] مِنْ نَاحِيَةِ بُصْرَى، كَانَ فِيهِ مُجُونٌ وَاسْتِهْتَارٌ، فَذُكِرَ عِنْدَهُ السِّوَاكُ وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَضِيلَةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَسْتَاكُ إِلَّا فِي الْمَخْرَجِ- يَعْنِي دُبُرَهُ- فَأَخَذَ سِوَاكًا فَوَضَعَهُ فِي مَخْرَجِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ، فَمَكَثَ بَعْدَهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ [وهو يشكو من ألم البطن والمخرج] [2] فَوَضَعَ وَلَدًا عَلَى صِفَةِ الْجُرْذَانِ لَهُ أَرْبَعَةُ قوائم، ورأسه كرأس السمكة، [وله أربعة أنياب بارزة، وذنب طويل مثل شبر وأربع أصابع] [2] وَلَهُ دُبُرٌ كَدُبُرِ الْأَرْنَبِ. وَلَمَّا وَضَعَهُ صَاحَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ ثَلَاثَ صَيْحَاتٍ، فَقَامَتِ ابْنَةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَرَضَخَتْ رَأْسَهُ فَمَاتَ، وَعَاشَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بَعْدَ وَضْعِهِ لَهُ يَوْمَيْنِ وَمَاتَ فِي الثَّالِثِ، وَكَانَ يَقُولُ هَذَا الْحَيَوَانُ قَتَلَنِي وَقَطَّعَ أَمْعَائِي، وَقَدْ شَاهَدَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَخُطَبَاءُ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى ذلك الحيوان حيا، ومنهم من رآه بعد موته.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.

السُّلْطَانُ بَرَكَةُ خان بن تولى بن جنكيزخان

وَهُوَ ابْنُ عَمِّ هُولَاكُو، وَقَدْ أَسْلَمَ بَرَكَةُ خَانَ هَذَا، وَكَانَ يُحِبُّ الْعُلَمَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَمِنْ أكبر حسناته كسره لهولاكو وتفريق جُنُودَهُ، وَكَانَ يُنَاصِحُ الْمَلِكَ الظَّاهِرَ وَيُعَظِّمُهُ وَيُكْرِمُ رُسُلَهُ إِلَيْهِ، وَيُطْلِقُ لَهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَقَدْ قَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ بَعْضُ أَهْلِ بَيْتِهِ وهو منكوتمر بن طغان بن بابو بن تولى بن جنكيزخان، وَكَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَمِنْوَالِهِ وللَّه الْحَمْدُ.

قَاضِي الْقُضَاةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ

تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بن خلف بن بدر بن بِنْتِ الْأَعَزِّ الشَّافِعِيُّ، كَانَ دَيِّنًا عَفِيفًا نَزِهًا لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَا يَقْبَلُ شَفَاعَةَ أَحَدٍ، وَجُمِعَ لَهُ قَضَاءُ الدِّيَارِ المصرية بكمالها، والخطابة، والحسبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015