تَعَالَى. وَقَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ النَّاصِرُ صلاح الدين يوسف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
كيقباد الْمَلِكُ عَلَاءُ الدِّينِ صَاحِبُ بِلَادِ الرُّومِ، كَانَ من أكابر الْمُلُوكِ وَأَحْسَنِهِمْ سِيرَةً، وَقَدْ زَوَّجَهُ الْعَادِلُ ابْنَتَهُ وَأَوْلَدَهَا، وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ الْجَزِيرَةِ فِي وَقْتٍ وَأَخَذَ أَكْثَرَهَا مِنْ يَدِ الْكَامِلِ مُحَمَّدٍ، وَكَسَرَ الْخُوَارَزْمِيَّةَ مَعَ الْأَشْرَفِ مُوسَى رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ نَاصِحُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَجْمِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ، وَهُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وُلِدَ النَّاصِحُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ يَعِظُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّهُ وَعَظَ فِي حَيَاةِ الشَّيْخِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَرَّسَ بِالصَّالِحِيَّةِ الَّتِي بِالْجَبَلِ، وله بنيت، وله مصنفات.
وقد اشتغل على ابن المنى البغدادي، وَكَانَ فَاضِلًا صَالِحًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالصَّالِحِيَّةِ وَدُفِنَ هناك رحمه الله.
التَّاجِرُ كَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ، مَاتَ فَجْأَةً فِي جُمَادَى الْأُولَى بِدِمَشْقَ فَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ، وَاسْتَحْوَذَ الْأَشْرَفُ عَلَى أَمْوَالِهِ، فَبَلَغَتِ التَّرِكَةُ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، مِنْ ذَلِكَ سبحة فيها مائة حبة لؤلؤ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ.
أَخُو الْحَافِظِ أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ دِحْيَةَ، كَانَ قَدْ وَلِيَ دَارَ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةَ حِينَ عُزِلَ أَخُوهُ عَنْهَا، حَتَّى تُوُفِّيَ فِي عَامِهِ هَذَا، وَكَانَ نَدَرَ فِي صِنَاعَةِ الْحَدِيثِ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَاكِمُ بِالْكَرَكِ، وَمُدَرِّسُ مَدْرَسَةِ الزَّبَدَانِيِّ، فَلَمَّا أُخِذَتْ أَوْقَافُهَا سَارَ إِلَى الْقُدْسِ ثُمَّ إِلَى دِمَشْقَ، فَكَانَ يَنُوبُ بِهَا عن القضاة، وكان فاضلا نزها عَفِيفًا دَيِّنًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ.
فيها كانت وفاة الأشرف ثم أخوه الْكَامِلِ، أَمَّا الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ بَانِي دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَجَامِعِ التَّوْبَةِ وَجَامِعِ جَرَّاحٍ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ رَابِعِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، بِالْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ، وَدُفِنَ بِهَا حَتَّى نَجِزَتْ تُرْبَتُهُ الَّتِي بُنِيَتْ لَهُ شَمَالِيَّ الْكَلَّاسَةِ، ثُمَّ حُوِّلَ إِلَيْهَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَقَدْ كَانَ ابْتِدَاءُ مَرَضِهِ فِي رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ الْأَدْوَاءُ حَتَّى كَانَ الْجَرَائِحِيُّ يُخْرِجُ الْعِظَامَ مِنْ رَأْسِهِ وَهُوَ يُسَبِّحُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ السَّنَةِ تَزَايَدَ بِهِ الْمَرَضُ