فَيُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَةَ، وَكَانَ قَلِيلَ التَّعَاظُمِ، يَرْكَبُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَحْدَهُ ثُمَّ يَلْحَقُهُ بَعْضُ غِلْمَانِهِ سَوْقًا.
وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ أَبِي السُّعُودِ الْبَغْدَادِيُّ.
لَئِنْ غُودِرَتْ تِلْكَ الْمَحَاسِنُ فِي الثَّرَى ... بَوَالٍ فَمَا وَجْدِي عَلَيْكَ بِبَالِ
وَمُذْ غِبْتَ عَنِّي مَا ظَفِرْتُ بِصَاحِبٍ ... أَخِي ثِقَةٍ إِلَّا خَطَرْتَ بِبَالِي
وملك بعده دمشق وَلَدُهُ النَّاصِرُ دَاوُدُ بْنُ الْمُعَظَّمِ، وَبَايَعَهُ الْأُمَرَاءُ.
ابن مُوسَى بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ وهب الفقيه الشافعيّ البخاري، شَيْخٌ أَدِيبٌ فَاضِلٌ خَيِّرٌ، لَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ ظَرِيفٌ، وَلَهُ نَوَادِرُ حَسَنَةٌ وَجَاوَزَ التِّسْعِينَ. قَدِ اسْتَوْزَرَهُ صَاحِبُ حَمَاةَ فِي وَقْتٍ وَلَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ أَوْرَدَ مِنْهُ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً جَيِّدَةً. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
وَهَوَاكَ مَا خَطَرَ السُّلُوُّ بِبَالِهِ ... وَلَأَنْتَ أَعْلَمُ فِي الْغَرَامِ بِحَالِهِ
فَمَتَى وشى واش إليك بشأنه ... سائل هواك فذاك من أعداله
أو ليس للدنف المعنى شاهد ... من حاله يغنيك عن تسآله
جددت ثوب سقامه، وهتكت ستر ... غَرَامِهِ، وَصَرَمْتَ حَبْلَ وِصَالِهِ
يَا لَلْعَجَائِبِ مِنْ أَسِيرٍ دَأْبُهُ ... يَفْدِي الطَّلِيقَ بِنَفْسِهِ وَبِمَالِهِ
وَلَهُ أَيْضًا:
لَامَ الْعَوَاذِلُ فِي هَوَاكِ فَأَكْثَرُوا ... هَيْهَاتَ مِيعَادُ السُّلُوِّ الْمَحْشَرُ
جَهِلُوا مَكَانَكِ فِي الْقُلُوبِ وحاولوا ... لَوْ أَنَّهُمْ وَجَدُوا كَوَجْدِي أَقْصَرُوا
صَبْرًا عَلَى عَذْبِ الْهَوَى وَعَذَابِهِ ... وَأَخُو الْهَوَى أَبَدًا يُلَامُ وَيُعْذَرُ] [1]
ابن أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ الطِّيبِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالصَّائِنِ، أَحَدُ المعيدين بالنظاميّة، ودرس بالثقفية، وَكَانَ عَارِفًا بِالْمَذْهَبِ وَالْفَرَائِضِ وَالْحِسَابِ، صَنَّفَ شَرْحًا لِلتَّنْبِيهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي.
الْفَقِيهُ الشافعيّ، تفقه عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ فَضْلَانَ ثُمَّ أَعَادَ بالنظاميّة ودرس بغيرها، وكان يشتغل كل يوم عشرين درسا، ليس لَهُ دَأْبٌ إِلَّا الِاشْتِغَالُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَكَانَ بَارِعًا كَثِيرَ الْعُلُومِ، قَدْ أَتْقَنَ الْمَذْهَبَ وَالْخِلَافَ، وَكَانَ يُفْتِي فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِوَاحِدَةٍ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الدَّامَغَانِيُّ، فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَى تَكْرِيتَ فَأَقَامَ بِهَا، ثُمَّ اسْتُدْعِيَ إِلَى بَغْدَادَ، فَعَادَ إِلَى الِاشْتِغَالِ وَأَعَادَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِلَى إِعَادَتِهِ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الِاشْتِغَالِ وَالْفَتْوَى وَالْوَجَاهَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وهذا