الْكُتُبِ الْمَنْسُوبَةِ وَغَيْرِهَا، وَوَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ الْمَارَسْتَانَ الْعَضُدِيَّ، توفى بالمدائن وحمل إلى مقابر قريش فدفن بها
ابن قلج أرسلان، مات فيها وقام بالملك بعده ولده كيكايرس، فَلَمَّا تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَلَكَ أخوه كيقياذ صارم الدين برغش الْعَادِلِيُّ نَائِبُ الْقَلْعَةِ بِدِمَشْقَ، مَاتَ فِي صَفَرٍ ودفن بتربته غربي الجامع المظفري، وهذا الرجل هو الَّذِي نَفَى الْحَافِظَ عَبْدَ الْغَنِيِّ الْمُقَدِّسِيَّ إِلَى مِصْرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَانَ عَقْدُ الْمَجْلِسِ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ ابْنُ الزَّكِيِّ وَالْخَطِيبُ الدَّوْلَعِيُّ، وَقَدْ تُوُفُّوا أَرْبَعَتُهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ قَامَ عَلَيْهِ وَاجْتَمَعُوا عِنْدَ رَبِّهِمُ الْحَكَمِ الْعَدْلِ سُبْحَانَهُ.
وَيُقَالُ لَهُ جِهَارْكَسُ أَحَدُ أُمَرَاءِ الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ قِبَابُ سَرْكَسَ بِالسَّفْحِ تُجَاهَ تُرْبَةِ خَاتُونَ وَبِهَا قبره. قال ابن خلكان: هذا هو الَّذِي بَنَى الْقَيْسَارِيَّةَ الْكُبْرَى بِالْقَاهِرَةِ الْمَنْسُوبَةَ إِلَيْهِ وَبَنَى فِي أَعْلَاهَا مَسْجِدًا مُعَلَّقًا وَرَبْعًا، وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ التُّجَّارِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا لَهَا نَظِيرًا فِي الْبُلْدَانِ فِي حُسْنِهَا وَعِظَمِهَا وَإِحْكَامِ بِنَائِهَا. قَالَ: وَجِهَارْكَسُ بِمَعْنَى أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ. قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ نَائِبًا لِلْعَادِلِ عَلَى بَانِيَاسَ وتينين وهوبين، فَلَمَّا تُوُفِّيَ تَرَكَ وَلَدًا صَغِيرًا فَأَقَرَّهُ الْعَادِلُ عَلَى مَا كَانَ يَلِيهِ أَبُوهُ وَجَعَلَ لَهُ مدبرا وهو الأمير صارم الدين قطلبا التنيسي، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهَا بَعْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ إِلَى سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ
مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، سَمِعَ أَبَاهُ وَجَدَّ أَبِيهِ وَغَيْرَهُمَا، وَعَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ، توفى بنيسابور في شعبان فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً
الْعُقَيْبِيُّ وَالِدُ وَالِي الْبَلَدِ، كَانَتْ وفاته في شوال منها وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فِيهَا اجْتَمَعَ الْعَادِلُ وَأَوْلَادُهُ الْكَامِلُ وَالْمُعَظَّمُ وَالْفَائِزُ بِدِمْيَاطَ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ فِي مُقَاتَلَةِ الْفِرِنْجِ فَاغْتَنَمَ غَيْبَتَهُمْ سَامَةُ الْجَبَلِيُّ أَحَدُ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَتْ بِيَدِهِ قَلْعَةُ عَجْلُونَ وَكَوْكَبٍ فَسَارَ مُسْرِعًا إِلَى دِمَشْقَ لِيَسْتَلِمَ الْبَلَدَيْنِ، فَأَرْسَلَ الْعَادِلُ فِي إثره ولده المعظم فسبقه إلى القدس وحمل عليه فَرَسَمَ عَلَيْهِ فِي كَنِيسَةِ صِهْيُونَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَصَابَهُ النِّقْرِسُ، فَشَرَعَ يَرُدُّهُ إِلَى الطَّاعَةِ بِالْمُلَاطَفَةِ فَلَمْ يَنْفَعْ فِيهِ فَاسْتَوْلَى عَلَى حواصله وأملاكه وأمواله وأرسله إلى قلعة الكرك فاعتقله بها، وَكَانَ قِيمَةُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، مِنْ ذَلِكَ دَارُهُ وَحَمَّامُهُ دَاخِلَ بَابِ السَّلَامَةِ، وَدَارُهُ هِيَ الَّتِي جَعَلَهَا الْبَادَرَائِيُّ مَدْرَسَةً لِلشَّافِعِيَّةِ، وَخَرَّبَ حِصْنَ كَوْكَبٍ وَنُقِلَتْ حَوَاصِلُهُ إِلَى حِصْنِ الطُّورِ الَّذِي اسْتَجَدَّهُ