الْوَاعِظُ مُنْتَخَبُ الدِّينِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ وصنف تتمة التتمة لأبى سعد الهروي، كان زَاهِدًا عَابِدًا، وَلَهُ شَرْحُ مُشْكِلَاتِ الْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتِّمِائَةٍ.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَنَّا الشَّاعِرُ المعروف بالبنانى، مدح الخلفاء والوزراء وغيرهم، ومدح وكبر وعلت سنه، وكان رقيق الشعر ظريفه قال:
ظلما ترى مغرما في الحب تزجره ... وغيره بِالْهَوَى أَمْسَيْتَ تُنْكِرُهُ
يَا عَاذِلَ الصَّبِّ لَوْ عانيت قاتله ... لو جنة وعذار كنت تعذره
أفدى الّذي بسحر عَيْنَيْهِ يُعَلِّمُنِي ... إِذَا تَصَدَّى لِقَتْلِي كَيْفَ أَسْحَرُهُ
يَسْتَمْتِعُ اللَّيْلَ فِي نَوْمٍ وَأَسْهَرُهُ ... إِلَى الصَّبَاحِ وينساني وأذكره
ابن المبارك النصراني المارداني الْمُلَقَّبُ بِالْوَحِيدِ، اشْتَغَلَ فِي حَدَاثَتِهِ بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ وأتقنه وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي الشِّعْرِ الرَّائِقِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ.
أَتَانِي كِتَابٌ أَنْشَأَتْهُ أَنَامِلٌ ... حَوَتْ أَبْحُرًا مِنْ فَيْضِهَا يَغْرَقُ الْبَحْرُ
فَوَا عَجَبًا أَنَّى الْتَوَتْ فَوْقَ طِرْسِهِ ... وَمَا عُوِّدَتْ بِالْقَبْضِ أُنَمُلُهُ الْعَشْرُ
وَلَهُ أَيْضًا
لقد أثرت صدغاه في لون خده ... ولاحا كَفَيْءٍ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجِ
تَرَى عَسْكَرًا لِلرُّومِ في الريح مذ بدت ... كطائفة تَسْعَى لِيَوْمِ هِيَاجِ
أَمِ الصُّبْحُ بِاللَّيْلِ الْبَهِيمِ موشح ... حكى آبنوسا في صحيفة عَاجِ
لَقَدْ غَارَ صُدْغَاهُ عَلَى وَرْدِ خَدِّهِ ... فسيجه من شعره بسياج
الطاووسيّ صاحب الطريقة.
رُكْنُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ القزويني، ثم الهمدانيّ، الْمَعْرُوفُ بِالطَّاوُسِيِّ، كَانَ بَارِعًا فِي عِلْمِ الْخِلَافِ والجدل والمناظرة، أخذ علم ذلك عن رَضِيِّ الدِّينِ النَّيْسَابُورِيِّ الْحَنَفِيِّ، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ تَعَالِيقَ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: أَحْسَنَهُنَّ الْوُسْطَى، وكانت إليه الرحلة بهمدان، وقد بنى له بعض الحجبة بها مدرسة تعرف بالحاجبية، ويقال إنه منسوب إلى طاووس بْنِ كَيْسَانَ التَّابِعِيِّ فاللَّه أَعْلَمُ.
فيها عزل الخليفة ولده محمد الملقب بالظاهر عن ولاية العهد بعد ما خطب له سبعة عَشْرَةَ سَنَةً، وَوَلَّى الْعَهْدَ وَلَدَهُ الْآخَرَ عَلِيًّا، فَمَاتَ عَلِيٌّ عَنْ قَرِيبٍ فَعَادَ الْأَمْرُ إِلَى الظَّاهِرِ، فَبُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ