التوقاني الشَّافِعِيُّ، عَائِدًا مِنِ الْحَجِّ. وَالشَّاعِرُ:
أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ
ابْنُ الْمُعَلِّمِ الْهُرْثِيُّ مِنْ قُرَى وَاسِطٍ، عَنْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ شاعرا فصيحا، وكان ابن الجوزي في مجالسه يستشهد بِشَيْءٍ مِنْ لَطَائِفِ أَشْعَارِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً جَيِّدَةً مِنْ شِعْرِهِ الْحَسَنِ الْمَلِيحِ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ.
الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سعيد
ابن الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَرِّيفِ، وَيُلَقَّبُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، كَانَ حَنْبَلِيًّا ثُمَّ اشْتَغَلَ شَافِعِيًّا عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ فَضْلَانَ، وَهُوَ الَّذِي لَقَّبَهُ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَيُقَالُ إِنَّهُ صَارَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ إِلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ فاللَّه أَعْلَمُ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بن مغيث بْنِ الدَّهَّانِ الْفَرَضِيُّ الْحَاسِبُ الْمُؤَرِّخُ الْبَغْدَادِيُّ، قَدِمَ دمشق وامتدح الكندي أبو اليمن زَيْدَ بْنَ الْحَسَنِ فَقَالَ:
يَا زَيْدُ زَادَكَ رَبِّي مِنْ مَوَاهِبِهِ ... نِعَمًا يُقَصِّرُ عَنْ إِدْرَاكِهَا الْأَمَلُ
لَا بَدَّلَ اللَّهُ حَالًا قَدْ حَبَاكَ بِهَا ... مَا دَارَ بَيْنَ النُّحَاةِ الْحَالُ وَالْبَدَلُ
النحو أنت أحق العالمين به ... أليس باسمك فِيهِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ
فِيهَا وَرَدَ كِتَابٌ مِنَ الْقَاضِي الْفَاضِلِ إِلَى ابْنِ الزَّكِيِّ يُخْبِرُهُ فِيهِ «أَنَّ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ التَّاسِعِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ أَتَى عَارِضٌ فِيهِ ظُلُمَاتٌ مُتَكَاثِفَةٌ، وَبُرُوقٌ خَاطِفَةٌ، وَرِيَاحٌ عَاصِفَةٌ، فقوى الجو بها واشتد هبوبها قد أثبت لها أعنة مطلقات، وارتفعت لها صفقات، فَرَجَفَتْ لَهَا الْجُدْرَانُ وَاصْطَفَقَتْ، وَتَلَاقَتْ عَلَى بُعْدِهَا واعتنقت، وثار السماء والأرض عجاجا، حتى قيل إن هذه على هذه قد انطبقت، ولا يحسب إِلَّا أَنَّ جَهَنَّمَ قَدْ سَالَ مِنْهَا وَادٍ، وَعَدَا مِنْهَا عَادٍ، وَزَادَ عَصْفُ الرِّيحِ إِلَى أَنْ أَطْفَأَ سُرُجَ النُّجُومِ، وَمَزَّقَتْ أَدِيمَ السَّمَاءِ، وَمَحَتْ مَا فَوْقَهُ مِنَ الرُّقُومِ، فَكُنَّا كَمَا قال تَعَالَى يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ 2: 19 ويردون أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَعْيُنِهِمْ مِنِ الْبَوَارِقِ، لَا عَاصِمَ لخطف الأبصار، وَلَا مَلْجَأَ مِنَ الْخَطْبِ إِلَّا مَعَاقِلُ الِاسْتِغْفَارِ. وَفَرَّ النَّاسُ نِسَاءً وَرِجَالًا وَأَطْفَالًا، وَنَفَرُوا مِنْ دُورِهِمْ خِفَافًا وَثِقَالًا، لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يهتدون سبيلا، فَاعْتَصَمُوا بِالْمَسَاجِدِ الْجَامِعَةِ، وَأَذْعَنُوا لِلنَّازِلَةِ بِأَعْنَاقٍ خَاضِعَةٍ، بِوُجُوهٍ عَانِيَةٍ، وَنُفُوسٍ عَنِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ سَالِيَةٍ، يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ، وَيَتَوَقَّعُونَ أَيَّ خَطْبٍ جلى،