فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ 61: 14 فَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ خَاتَمُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَدْ قَامَ فِيهِمْ خَطِيبًا فَبَشَّرَهُمْ بِخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ الْآتِي بَعْدَهُ وَنَوَّهَ بِاسْمِهِ وَذَكَرَ لَهُمْ صِفَتَهُ لِيَعْرِفُوهُ وَيُتَابِعُوهُ إِذَا شَاهَدُوهُ إِقَامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانًا مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 7: 157 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ قَالَ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى عِيسَى وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ هَذَا وَفِيهِ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى عِيسَى وَذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ قَالَ رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ 2: 129 الْآيَةَ وَلَمَّا انْتَهَتِ النُّبُوَّةُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى عِيسَى قَامَ فِيهِمْ خَطِيبًا فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ النُّبُوَّةَ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُمْ وَأَنَّهَا بَعْدَهُ فِي النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ الْأُمِّيِّ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ احمد وهو محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الَّذِي هُوَ مِنْ سُلَالَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ 61: 6 يُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُحْتَمَلُ عُودُهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَرَّضَ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَنُصْرَةِ نَبِيِّهِ وَمُؤَازَرَتِهِ وَمُعَاوَنَتِهِ عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ وَنَشْرِ الدَّعْوَةِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى الله 61: 14 أَيْ مَنْ يُسَاعِدُنِي فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ قال الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ الله 61: 14 وَكَانَ ذَلِكَ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا النَّاصِرَةُ فسموا بذلك النصارى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ 61: 14 يَعْنِي لَمَّا دَعَا عِيسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ من كفر وكان مِمَّنْ آمَنَ بِهِ أَهْلُ أَنْطَاكِيَةَ بِكَمَالِهِمْ فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ وَالتَّفْسِيرِ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رُسُلًا ثَلَاثَةً أَحَدُهُمْ شَمْعُونُ الصفا فآمنوا واستجابوا وليس هؤلاء هم المذكورون فِي سُورَةِ يس لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْقَرْيَةِ وَكَفَرَ آخَرُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهْمُ جُمْهُورُ الْيَهُودِ فَأَيَّدَ اللَّهُ مَنْ آمَنَ بِهِ عَلَى مَنْ كَفَرَ فِيمَا بَعْدُ وَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ عَلَيْهِمْ قَاهِرِينَ لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ 3: 55 الْآيَةَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ إِلَيْهِ أَقْرَبَ كَانَ عاليا فمن دُونَهُ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ هُوَ الْحَقَّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ كَانُوا ظَاهِرِينَ عَلَى النَّصَارَى الَّذِينَ غَلَوْا فِيهِ وَأَطْرَوْهُ وَأَنْزَلُوهُ فَوْقَ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ بِهِ وَلَمَّا كَانَ النَّصَارَى أَقْرَبَ في الجملة مما ذهب اليه اليهود عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ كَانَ النَّصَارَى قَاهِرِينَ لِلْيَهُودِ فِي أَزْمَانِ الْفَتْرَةِ إِلَى زَمَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ

.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015